رئيس التحرير
عصام كامل

لا تراهنوا على رؤساء أمريكا!


لم يعد مقبولًا من أمريكا ولا غيرها التدخل في شئون مصر بهذه الصورة الفجة أو بغيرها، ذلك أن هناك تناقضًا صارخًا بين شعارات ومبادئ صدعتنا بها أمريكا لإعلاء سيادة القانون واحترام سيادة الدول والشعوب وبين ما تروجه بشأن حقوق الإنسان.. ولابد أن تدرك أمريكا -وهي حتمًا تدرك- أننا إزاء تغيير جذري وواقع جديد وإرادة سياسية مستقلة وشعب يرفض الخضوع لأي ابتزاز فهو صاحب الحق في تقرير مصيره وسياساته وقوانينه دون وصاية من أحد حتى لو أدى ذلك إلى قطع معونات أمريكا التي تعلم أنها هي المستفيد الأول منها.. ولا أدري لماذا الاعتراض على قانون الجمعيات الأهلية.. هل لأنه أحكم تنظيم تلقي الأموال وإنفاقها ووضع ضوابط صارمة معمولًا بها في كل دول العالم.. وهل يمكن التعامل بالمثل مع الدول التي تمول جمعيات أهلية في بلادنا.. وهل تسمح قوانينها بذلك.. وإذا كانت قوانين أمريكا والغرب تحظر مثل ذلك فلماذا الغضب من قانون الجمعيات الجديد؟!


عندما فاز ترامب برئاسة أمريكا لم أندهش من صدمة الإخوان في هزيمة هيلاري كلينتون، فصعود ترامب إلى سدة البيت الأبيض قضى على آخر آمالهم في العودة لبحر السياسة من جديد بعد أن ماتوا شعبيًا.. فهيلاري كانت متحمسة لعودتهم قسرًا للمشاركة السياسية في العالم العربي رغم فظاعة ما ارتكبوه من جرائم في سوريا وليبيا ومصر، ورغم حروب الإعلام وأباطيله وكذب استطلاعات الرأي العام الغربية التي بشرت بفوز هيلاري فإن حزب الكنبة الأمريكي أعلن رفضه مخططات هدم دول المنطقة برعاية أوباما..

جاء ترامب وفي جعبته وعود وتصريحات ترفض التدخل في شئون الدول أو توظيف ملف حقوق الإنسان سياسيًا.. لكن هل يكفي ذلك لمنحنا الطمأنينة إزاء نوايا ترامب ومستقبل العالم معه.. صحيح أن أمريكا دولة مؤسسات لا تخضع لمشيئة رئيسها وحده، إنما يشاركه في الحكم أطراف أخرى كالكونجرس والبنتاجون والخارجية.. لكن ذلك لا يمنع أن نكف عن الرهان على أشخاص الرؤساء، وأن يصبح رهاننا على قوتنا هو الخيار الأوحد، فالعالم لا يعترف سوى بالأقوياء والمستقبل لا تبنيه الأماني بل الإرادة والعزيمة والتخطيط السليم والتوظيف الجيد لمقومات القوة.

ولنا فيما قاله أوباما وما فعله درس لا ينسى.. فشتان بين ما حوته عباراته المنمقة الناعمة في خطاب جامعة القاهرة وما تركته أفعاله من دمار وخراب جعل العالم أكثر تعاسة وقسوة.. ليتنا نتعلم الدرس ونراهن على أنفسنا ووحدتنا.. فذلك هو الضمان الأمثل نحو مستقبل آمن.
الجريدة الرسمية