عبادة الأهواء
لم يكن من أهداف الإسلام الانتشار في كل بقاع الأرض وإلا لطلب الله منا ذلك، نعم أرسله الله رحمة للعالمين، لمن يؤمن به ولمن لا يؤمن به كلاهما سواء، لم يطلب الله منا أن نصل لنتيجة مؤداها أن يكون الإسلام هو صاحب الأغلبية في العالم، أو حتى صاحب الأكثرية، بل إن الأكثرية في الإسلام مذمومة، ألم يقل الله تعالى «وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله»، وقال أيضا «بل أكثرهم لا يعلمون»، وقال «وأكثرهم لا يعقلون»، وقال «ولا تجد أكثرهم يشكرون»، وقال «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم».
وهكذا تقابلنا عشرات الآيات من القرآن الكريم، ليظهر لنا أن المسألة عند الله سبحانه ليست بالكثرة بدليل أنه قال «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا»، أما عن القلة فقال الله سبحانه عنهم «وقليلٌ من عبادي الشكور»، وقال أيضا «وقليلٌ من الآخرين»، وقال أيضا «وما آمن معه إلا قليل»، بل إن كل الرسل تقريبا لم يتبعهم إلا قلة من أقوامهم.
إذن ما هي القصة الحقيقية؟، القصة باختصار أن الله طلب منا أن ندعوا للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وطلب منا أن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن، وطلب منا فقط أن يقتصر دورنا على التبليغ، فقال للرسول صلى الله عليه وسلم إن الأمم من الممكن أن تُكَذِبكم، فماذا ستفعلون آنذاك؟ هل ستقاتلونهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا قالوها عصموا منكم دماءهم وأموالهم؟ لا والله، إن الله قال «وإن تُكَذِّبوا فقد كُذِّبَ أممٌ من قبلِكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين»..
البلاغ المبين فقط يا عباد الله، وتأكيدا لهذا قال الله سبحانه «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر» لا سيطرة لك على قلوب العباد فإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله أيها العباد يهدي من يشاء، كل دورك أن تدعو إلى لله على بصيرة يا عبد الله كما قال رب العباد لرسولنا الكريم «قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني» هي الدعوة لله على بصيرة يا أخي المسلم، وإذا أردت أن أسترسل لك في ذكر آيات القرآن التي تكلفنا بالدعوة والبلاغ المبين فقط ما وسعني المقال، ولكن ليعلم الجميع أن الإسلام دينُ السلام، ولك أن تأسف على هؤلاء الذين حوَّلوا الإسلام إلى دين سيوف وقبور، فأصبح الإسلام غير الإسلام، والإيمان غير الإيمان، ويالبؤسهم حينما جعلوا من هواهم وأمراض نفوسهم دينا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.