رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي عن خفض المعونة الأمريكية: علاقاتنا مع واشنطن «مش فلوس وبس»

فيتو

  • اتصال ترامب بالسيسي أكد متانة العلاقات لكنه لن يعجل بالتراجع عن القرار 
  • أصوات أمريكية في دوائر صنع القرار معادية لمصر ومواقفها معروفة قبل 2011
  • وفد البرلمان المصري زار الكونجرس وقام بدوره على أكمل وجه والأزمة في المتربصين بنا
  • صعب على مجلس النواب ترتيب زيارة أخرى في الوقت الحالي وعلينا التواصل مع مراكز الفكر الأمريكي

بدون تجميل وبكل صراحة، أكد أن مصر لا يمكنها الاستغناء عن المعونة الأمريكية، وأن قرار تخفيضها لم يكن بسبب تقصير من الدبلوماسية المصرية في التواصل مع دوائر صنع القرار، لأن هناك أصواتا أمريكية كارهة لمصر، وهذا الأمر ليس وليد ثورة 30 يونيو، وإنما له جذور من أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011.
السفير محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، وزير خارجية مصر الأسبق، لم يُخفِ أن اتصال دونالد ترامب بالرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا، رغم أهميته، فإنه لن يؤدي إلى سرعة التراجع عن قرار خفض المعونة الأمريكية لمصر.
وقال النائب، في حوار خاص لـ«فيتو»: العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية، ولا يمكن حصرها في «الفلوس وبس»، مشيرا إلى أن هناك أيادي خفية تلعب في ملف العلاقات بين البلدين، وتسويقا إعلاميا على غير الحقيقة بأن مصر فقدت حليفها الرئيسي في هذه الفترة.
واتهم السفير محمد العرابي، خلال الحوار، وسائل الإعلام في البلدين بتسليط الضوء أكثر من اللازم على الأزمة الأخيرة الخاصة بتخفيض المعونة، قائلا: «الموضوع أخد أكبر من حجمه»... تفاصيل كثيرة يكشفها عضو لجنة العلاقات الخارجية في نص هذا الحوار:


• في أزمة تخفيض المعونة الأمريكية عن مصر.. كان آخر المستجدات الاتصال بين دونالد ترامب والرئيس عبد الفتاح السيسي.. هل سيغير الاتصال أي شيء؟
- دعني في البداية، أؤكد أن الأزمة أخذت أكبر من حجمها، سواء في الإعلام الأمريكي أو الإعلام المصري، وما حدث كان لا يستدعي كل هذه الضجة الكبيرة.

• ترى ما السبب في تسليط الضوء على الأزمة بهذا الشكل؟
-للأسف هناك أيادٍ لها مصلحة في توتر العلاقات بين البلدين، بعدما شهدت تحسنًا ملحوظًا، وكأن لسان حالهم يقول "آدي اللى كنتوا عاملينهم حلفاء ليكم هيقطعوا عنكم المعونة".

• نعود للمكالمة بين الرئيسين وتأثيرها فى أزمة المعونة؟
- المكالمة تؤكد أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية تسير في طريقها الصحيح، وتخفيض المعونة لم يكن هو الأول، وسبقه قبل ذلك هذا التخفيض، إلا أنه لا بد من تأكيد أن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين لا تقف عند المعونات فقط.

• وهل سيتم التراجع عن القرار الأمريكي بخفض المعونة الموجهة لمصر بعد المكالمة؟
- لن يتم التراجع في الوقت الحالي، لأن قرارا مثل هذا في حالة العدول عنه سيأخذ وقتا طويلا، ولكن من الممكن أن يتم إيجاد حلول أخرى بديلة للمعونة في الوقت الحالي.

• قبل شهور قليلة توجه وفد من لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري إلى الكونجرس الأمريكي وعقد اجتماعات كثيرة.. هناك هجوم على الوفد واتهامه بالفشل في التسويق لحالة حقوق الإنسان في مصر.. وبناء عليه كان هذا القرار.. ما تعليقك؟
- هذه الاتهامات غير صحيحة، لأن الوفد قام بدوره على أكمل وجه، ولم يقصر مطلقا في تصحيح صورة مصر أمام الكونجرس بالرد على كل الاستفسارات بشأن حالة حقوق الإنسان، وما يثار بشأن حالات الاختفاء القسري والتعذيب وما إلى ذلك.

• ولكن ما تفسيرك لما حدث؟ تقريبا تخفيض المعونة أول قرار أمريكي تجاه مصر بعد هذه الزيارة؟
- على الجميع أن يعلم أن هناك أصواتا داخل الكونجرس الأمريكي لم ولن يحيدوا عن موقفهم المعادي لمصر، وموقفهم هذا لم يظهر بعد 30 يونيو أو بعد 25 يناير، وإنما موقفهم هذا معلوم قبل ثورة يناير بكثير ويعملون ضد مصر، ومن بينهم جون ماكين، ولا نتوقع منهم أي خير لمصر، ولن يتوقفوا عن ملاحقة مصر في الفترة المقبلة.

• لكن الوفد التقى عددا كبيرا من أعضاء الكونجرس خلال الزيارة الأخيرة؟
- بالفعل التقينا نوابا كثيرين في الكونجرس الأمريكي وعددا من دوائر صنع القرار، لكن هؤلاء الأشخاص لم نلتق معهم خلال الزيارة، وهم لم يحرصوا على طلب لقائنا.

• وكيف يتم مواجهة هذه المجموعة طالما لهم تأثير في اتخاذ القرار.. والدليل أنهم كانوا سببا في خفض المعونة؟
- على الجانب الآخر نحن لدينا أصدقاء داخل مجلس الشيوخ والكونجرس، ونتواصل معهم بشكل مستمر للحفاظ على العلاقات بشكل أفضل بين البلدين.

• وهل وجود العناصر المعادية لمصر في أماكن صنع القرار الأمريكي هو السبب وراء تأخر إدراج الإخوان كجماعة إرهابية حتى الآن؟
- بالفعل.. هناك مجموعة معروفة للجميع، وستظل على موقفها الرافض لهذا المشروع.

• وما التحرك المحتمل للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان بشأن أزمة تخفيض المعونة الأمريكية؟
- الأمر حاليا في يد السلطة التنفيذية متمثلا في وزارة الخارجية أو مؤسسة الرئاسة.

• وما الممكن أن يتم التركيز عليه من أجل استعادة الثقة في العلاقات بين البلدين.. وما يترتب عليه من عودة المعونة مرة أخرى؟
- نحتاج لتكثيف الاتصالات في مختلف المجالات، مع ضرورة التركيز على التواصل مع مراكز الفكر الأمريكي لما لها من دور كبير في صناعة القرار الأمريكي.

• ومن يقوم بهذه الاتصالات؟
- كل مؤسسات الدولة، سواء السلطة التنفيذية، متمثلة في الحكومة عن طريق وزارة الخارجية، وكذلك لا بد أن يكون هناك دور للسلطة التشريعية واللجان البرلمانية في التواصل مع مراكز الفكر الأمريكي والعمل بشكل جدي في تصحيح الصورة عن مصر، خصوصا في ملف حقوق الإنسان.

• وهل من الممكن أن تكون هناك ترتيبات لزيارة برلمانية للكونجرس في الفترة المقبلة؟
- صعب في الوقت الحالي، لما يتطلبه تشكيل الوفود البرلمانية لزيارة الكونجرس لإجراءات وترتيبات كبيرة، وإن كان هناك زيارة لن تكون في الوقت الراهن.

• بعد إعلان القرار بتخفيض المعونة خرجت بعض الأصوات المطالبة بالاستغناء عنها.. هل يمكن لمصر أن تستغنى عن المعونة الأمريكية تماما؟
- لا تسطيع مصر الاستغناء عن المعونة الأمريكية لأن الأمر ليس مجرد "فلوس"، ولكن هذه المعونة قائمة على علاقات استراتيجية بين البلدين، ووفقا لاتفاقيات دولية من بينها اتفاقية كامب ديفيد.

• لكن هناك بعض النواب خرجوا بتصريحات عنيفة برفض المعونة بحجة أنها تمثل إهانة لمصر؟
- على الجميع ألا ينفعل؛ لأن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ضرورية والمعونة أحد قوامها، ولكن هناك من ينفخ في النار، والمغزى مما يحدث هو إحداث أزمة بين البلدين، خصوصا أن هناك تعويلا كبيرا كان قائما على الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد تولي دونالد ترامب، بسبب ما شهدته العلاقات من توتر أيام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهناك بعض الأصوات التي بدأت تصطاد في الماء العكر بأن مصر فقدت حليفها الرئيسي، علينا ألا ننساق ونعطي فرصة لهذه الأصوات أن تثبت صحة موقفها.

• البعض أعلن التبرع من راتبه الشهري.. ودعا المسئولون لنفس الأمر لتكون مصر قادرة على التخلي عن المعونة وتعويضها من خلال تلك التبرعات.. كيف ترى هذه المبادرة؟
- من يريد التبرع فهذا أمر جيد وأهلا بها وكلها تصب في صالح الاقتصاد الوطني، ولكن بعيدا عن اعتبارها بديلا عن المعونة الأمريكية، لأنه كما ذكرت أن الأمر لا يتوقف عند الدعم المالي، ولكن الأمر مرهون بعلاقات استراتيجية بين البلدين واتفاقيات ملزمة لكلا الطرفين، والتعامل في الأمور الدبلوماسية بين الدول يحتاج لشيء من الهدوء والتروي والدراسة قبل اتخاذ أي قرار، حتى نصل إلى حلول حقيقية ولا تؤثر فى أي طرف.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
الجريدة الرسمية