رئيس التحرير
عصام كامل

الله سائلهم عن أموالهم!


بعد أن صار تكرار الحج والعمرة ظاهرة تنفرد بها مصر بين شقيقاتها رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة هنا يصبح السؤال: هل يحق للحكومة التدخل لتقنين مثل هذا التكرار الذي يظن أصحابه خطأ أنه يكفر ذنوبهم ويمحو خطيئاتهم.. ألا يخرج علماؤنا الأجلاء ليوضحوا لأصحاب هذا الفهم الخاطئ كيف أن الله سائلهم عن أموالهم: من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها.. وأيها المستحب شرعًا: تكرار الحج والعمرة بهذه التكلفة الباهظة مع صعود الدولار وغيره من العملات الأجنبية في مقابل هبوط الجنيه وتدني قوته الشرائية.. أم بذل المال في مصارفه الشرعية من إيتاء ذوي القربى والفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمين والعاملين على الصدقات وفي سبيل الله..


هل تحرى هؤلاء المنفقون الحلال في كسب أموالهم التي ينفقونها على تكرار الحج السياحي أو السريع في كل عام.. هل تحروا المصلحة العامة ومقاصد الشرع الحنيف.. أهي عبادة يتقربون بها إلى الله أم هي عادة ووجاهة ورحلة ذات مآرب أخرى.. هل يحل لغني أن يبيت وجاره جائع.. وكيف سمح ضميره بأن ينفق فائض أمواله على تكرار الحج والعمرة بينما يعاني جاره أو أحد أقاربه مرضًا مستعصيًا دون أن يجد من يخفف آلامه أو يرحم أوجاعه، ولا يجد آلاف الطلاب أماكن آدمية في مدارسهم ذات الكثافة العالية، ناهيك عن ملايين الفقراء والمساكين والمهمشين في العشوائيات، وأطفال الشوارع القنابل الموقوتة في المجتمع الذي نسيهم وتجاهل معاناتهم وتداعياتها المرة..

ألا يمكن أن يتحول هؤلاء إلى لصوص أو قتلة أو إرهابيين.. هل يظن الأغنياء أن تكرارهم للحج والعمرة يقربهم إلى الله رغم ما هم عليه من غفلة واقتراف مستمر للذنوب طوال العام.. وكيف يفهم هؤلاء قول النبي الكريم: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.. ألا يعلم أغنياؤنا وهم كثر أن الحكومات في الدول المتقدمة لا تفعل كل شيء بمفردها، فثمة روافع أخرى للتنمية تتمثل في منظمات المجتمع المدني ورجال المال والأعمال الذين يؤدون طواعية "الرسالة الاجتماعية لرأس المال".
الجريدة الرسمية