رئيس التحرير
عصام كامل

تطهير القضاء أم تطهير الرئاسة ؟!


حملة "إخوانجية" مشبوهة تقودها قواعد الجماعة المقطورة وأربابها و"مشهلاتية إعلامها" ضد قضاة مصر، وصلت بيتى واخترقت عائلتى لأكتشف أن شقيقتى الكبرى وزوجها يريدان "إعدام القضاة" قبل "تطهير القضاء"، حسبما قال لهم مقاولو أنفار التنظيم فى الحى الشعبى بشرق القاهرة.


الحملة دخل دعاة مضللون طرفاً فيها مفسرين "إنِ الحكم إلا لله" بطريقة فجة وفاجرة تستهدف إسناد مهمة القضاء والفصل فى المنازعات إلى مجالس عرفية تدعمها الجماعة وفقاً لهوى قادتها، وهو سر مشهد ظهور كهل وشيخ مسنين فى موقعة الجمعة الماضية بأتباعهما من المتأثرين والمضللين، حاملين "جمرات" الحجارة لقذف أعداء الله من المناصرين لحماية القضاء المصرى.

الحوار مع عقول مضللة لا يثمر شيئاً كما استخلصت أنا من حوارى الغبى مع زوج شقيقتى موظف الحكومة المقترب من سن المعاش، فقناة الإخوان لا تنافسها على عينيه إلا قناة الأهلى وما تعرضه من مباريات فريقه، ومقدمو البرامج التى كانت تغزى لديه الشعور بحقائق فساد نظام مبارك، تحولوا إلى شياطين وخنازير من وجهة نظره، المتأثرة باختلاطه بتيارات الدين السياسى ومضلليها.

الموظف الحكومى البسيط الذى يعاندنى فى حقائق يحيا تداعياتها على أسرته وأطفاله الثلاثة، لدرجة اضطرار زوجته للخروج إلى العمل لمساعدته على سد احتياجات الأسرة فى التعليم والدروس الخصوصية، والعلاج والسكن، والانتقال، والطعام والشراب، والمرافق المتزايدة تكاليفها، لا يريد بمناصرة حكومة غبية ونظام قمعى إلا ابتغاء وجه الله "حسب اعتقاده"، فى مواجهة ثوار "بلطجية" يمارسون الدعارة ويشربون المخدرات، يقودهم حمدين "اللى خمنا" والبرادعى "العميل اللى ضرب العراق" وموسى "الفلول" وشفيق "الهارب".

ولأن "السيناريوهات" تكتمل فى عقول المضللين بتزييف التاريخ ترى شقيقتى وزوجها أن "العدالة الاجتماعية" فكرة "بناوية" سرقها عبد الناصر من الجماعة وطبقها لصالحه، وأنه لم يمت فقيراً كما يقال عنه، بل إن ثروات أخفيت بفعل فاعل لتحصدها أسرته، كما أن نكسة يونيو كانت دليلاً على ابتعاده عن "الله"، وعقاباً له على حبه للاتحاد السوفيتى والشيوعيين الكفرة.

بالطبع كانت آخر كلماتى له هى التساؤل:"ولماذا يلجأ رئيسكم "للشحاتة" من الشيوعيين الكفرة؟!"، وكانت الإجابة سريعة "مفيش أزمة لكن الفارق لما اللى بيشحت يبقى كافر زى رمزكم أو مؤمن زى رئيسنا!!". وبالمثل كان رأيه فى قضاة مصر "يستحقون الإعدام، فهم من الفساد بما لا يدع مجالاً للشك" فى ضمائرهم وجرائمهم، بعد أن أخرجوا مبارك من محبسه ومنحوا البراءات لرجال نظامه. 

وحينما أرد: ولماذا ينشغل البرلمان "الإخوانجى" عن تعديل تشريعات تمنع محاسبتهم بطريقة قانونية أفضل؟ يكون الرد: "أنتم مش عاوزين تعطوا البرلمان والريس والجماعة ومكتب الإرشاد فرصة!!!!!".

تخيلوا حجم الارتباط الذهنى بين الجماعة والحكومة والرئاسة وأجهزة الدولة وتأثير دعاة ومشهلاتية ومقاولى أنفار الجماعة لدى الشخصية المصرية البسيطة، وراجعوا أحوالها المتدهورة وحياتها المعدومة لتكتشفوا حجم الفشل "النخبوى" لقوى فشلت فى الوصول إلى العقل والقلب المصرى، رغم أن ظاهر الأمور يشير إلى لعنات متكررة على ألسنة العامة فى الشوارع للجماعة وحكمها ورئيسها وميليشياتها!

ثم تابعوا عملية التمكين على المستوى القاعدى للجماعة فى الأوساط التعليمية والثقافية والعمل الأهلى، لتتأكدوا من خطورة وصولهم إلى النشء والتأثير على الضائعين والمتعطلين، وبينهم صحفيون وإعلاميون يمارسون "البغاء السياسى والإعلامى" عبر لجان الجماعة الإلكترونية ليل نهار.

مؤسستان تقفان على أهبة المواجهة مع الجماعة وحكمها، القضاء والجيش، والثانية لن تتحرك ولو جرى التهام الأولى والقضاء عليها وتصفيتها، ووقوف الأولى وحدها ومعها الشعب فى مواجهة "شاملة" بمختلف أوجهها، ربما تضم بداية حقيقية لموجة جديدة للثورة، أول إجراءاتها تطهير الرئاسة من نظام لا يحترم القضاء، وإعلان سقوط شرعية ومشروعية مرسى وحكمه من قبل قضاة مصر.
الجريدة الرسمية