الرجل الذي تاجر مع الله!
كلمات بسيطة كتبتها الزميلة "غادة أمين" عن الرجل عبر "فيس بوك" دفعتني للبحث عن ذلك الرجل الذي لم نسمع عنه عبر أبواق قنواتنا أو أثير إذاعاتنا، الرجل الذي أطلقوا عليه ملياردير الفقراء وهو الآن في رحاب الله لا ننتظر أن يقرأ كلماتنا، ولم ينجب فلا تنتظر أن يقرأ أولاده أو أحفاده مقالنا، ولكن نكتب لنتخذ من تلك النماذج التي أضاءت الطريق واستطاعت أن تحدثًا حراكًا ملموسًا قدوة ومثل وأسوة حسنة في ظل ظروف راهنة البلد أحوج فيها لمثل تلك النماذج الخيرة التي أيقنت أن التجارة مع الله لن تبور.
هنا أتحدث عن المهندس صلاح عطية، ابن قرية تفهنا الأشراف، بمركز ميت غمر، طوال حياة الرجل التي تجاوزت السبعين عامًا لم يشغل نفسه بالسياسة أو الإعلام وفضل أن يعيش حياته بمنأى عنهما.
بدأ حياته العملية شريكًا في مزرعة دواجن كان بها شركاء تسعة واقترح المهندس صلاح أن يكون السهم العاشر لله يُنفق منه في أعمال الخير وقد حقق المشروع نجاحًا مبهرًا وازدادت توسعاته ومع زيادة الأرباح زادت مخصصات الخير فقام ببناء ستة معاهد دينية للبنين والبنات بقريته "تفهنا الإشراف" ودشن بيتًا للمال لمساعدة المحتاجين واستمر وشركاؤه في الخير حتى استطاعوا أن يدشنوا ولأول مرة عددًا من الكليات بالقرية ومحطة قطار وتوسع في أعمال الخير في القرى والمراكز المحيطة.
كان أسطورة عملت في صمت في مساعدة الفقراء والأرامل وتدشين مشاريع للشباب العاطل، فضلا عن دوره البارز في مجال المصالحات وتدشين لجان تنموية في مجالات مختلفة، الرجل الذي توفى في بدايات العمل الماضى لم يكن يعرف أن هناك أكثر من نصف مليون مواطن حرصوا على تشييع جثمانه وأن الدعوات مازالت متصلة له بالرحمة والمغفرة.
نعم الحكومة لا تستطيع أن تُغرد بمفردها أو أن تؤدي كل المتطلبات أو تحل جميع المشكلات، الأمر يتطلب شراكة جادة من منظمات المجتمع المدنى ورجال الأعمال كل في بلده، فلا أحد يُنكر الدور الذي يمكن أن يقوم به المشاهير وأصحاب الثروات من رجال أعمال وفنانين ولاعبى كرة تجاه ذويهم وأهاليهم في القرى المختلفة بإنشاء مشروعات خيرية، بل مشروعات تنموية تستهدف إحداث حراك اجتماعي يكون له انعكاسه على الظروف المعيشية للمواطنين.
هي دعوة صادقة لكل القامات وأصحاب الثروات بالعودة للجذور وتدشين مشروعات تنموية لخدمة أهلهم وذويهم وتخصيص جزء من فائض أعمالهم لتحسين الخدمات العامة في القرى والمراكز التي ينتمون إليها.. فالحكومة لا تستطيع أن تُغرد منفردة.