كرامة المصريين التي جرحت في الحي الراقي!
عندما يقول لواء بالمعاش ضحية اعتداء الحي الراقي والدموع توشك على الانطلاق من عينيه، إنه "استطاع أن يحمي مصر كلها ولم يستطع أن يحمي بيته" فإننا أمام كارثة كبري وجريمة مركبة وإهانة لا تغتفر ويصبح حق الرجل هو حق كل المصريين!
وقبل استعراض ما جري نتساءل ويتساءل معنا الملايين: إن كان لواء سابق وأبناؤه في مواقع مهمة وتلاميذه لم يزالوا في الخدمة واتصالاته كبيرة وعلاقاته نافذة ويقيم في أرقي أحياء القاهرة ويجري معه ما جرى.. فماذا يمكن أن يجري مع البسطاء والفقراء ومن لا ظهر لهم؟ هل يتم سحقهم تحت أقدام أصحاب المال والنفوذ والقادرين على حشد واستئجار الفتوات أو ما يسمي بلغة الانفتاح "البودي جاردز"؟
ماذا يجري مع الغلابة إذن إن تشاجر أبناؤهم مع أبناء هؤلاء؟ أو وقفا معا وجها لوجه في أحد أقسام الشرطة؟ أو في أي مصلحة أخرى هذا إن كان هناك من الوقت ما يسمح لأن يذهبا بعد أن أصبحت العضلات والقوة اللغة الوحيدة للتفاهم؟!
لواء سابق يلاعب حفيدته أمام فيلته وعربية مسرعة تكاد تصدم الطفلة إلا أن فرامل السيارة تنقذ الموقف ولكن الفرامل "الأمريكاني" بصوتها المزعج يجعل السيارة تتوقف بعد الفيلا بأمتار.. انفعل اللواء وسب من في السيارة والسب هنا دون معرفة صاحب السيارة ولا من فيها.. إلا أن السيارة تعود للخلف ويكتشف اللواء أن سيدة تقودها.. ومن خلف النقاب هددته وأخبرته أنها ستتصرف وأنه سيلقي عقابه خلال ساعتين!
كانت المشادة -كما قالوا في المحضر- أمام عمال بناء في فيلا مجاورة احتشدوا بشهامة أمام فيلا اللواء لحمايته في انتظار تهديد السيدة ولما تأخرت أنهوا عملهم وغادروا المكان.. وبعدها ووفقا لرواية اللواء وأسرته اقتحم الفيلا عشرات الأشخاص واعتدوا عليه وعلي زوجته وأولاده ثم هتكوا عرض زوجته رغم سنها وهتكوا عرض زوجة ابنه وشلوا حركتهم وقيدوهم حتى ـ كما قيل ـ عادت السيدة المنقبة ورأت ما يجري بنفسها كما توعدت ثم غادروا بعد أن تركوا الأسرة كلها بالأبناء والأحفاد في حالة رعب لم يسبق لها مثيل وإصابات في الأبناء وكسور وتحطيم بعض محتويات المنزل!
لن نتكلم عن النيابة وأوامرها الفورية بالضبط والإحضار وبدأ المقتحمون يتساقطون في أيدي الأجهزة الأمنية فعلا.. ولكن ورغم أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته إلا أننا نتوقف أمام عدة أمور أولها أن الأمر بات-الآن- يهم كل المصريين ويعنيهم وبناء عليه يناشدون اللواء وأسرته بعدم التراجع أو التصالح تحت أي ضغط.. مع ضرورة حماية العمال الشهود من الترغيب أو الترهيب لتغيير أقوالهم.. كما وهذا هو الأهم، أنها الفرصة الذهبية وقد جاءت للسلطات المصرية على "الطبطاب" كما يقولون للقضاء على "جمهورية البلطجة" الممتدة منذ سنوات طويلة غاب فيها القانون وأصبح أهل المال يصفون حساباتهم ويحلون خلافاتهم بالقوة والعنف.
وهذا لن يحدث إلا بإدارة القضية بهذا المبدأ.. أن تدير الأجهزة القضية بقلب جامد أو بقلب والسلام.. وأن تجعل المعتدي عبرة لمن يعتبر.. ولا تبحث عن مخرج للمعتدين بل تبحث عن مخرج لمصر كلها من هذه الفوضي التي ضربتها وضربت معها دولة القانون منذ ثلاثين عاما ويزيد!