رئيس التحرير
عصام كامل

وفيه موعظة للحكام والمحكومين!


لا شك أن مجالات الخير كثيرة، وأبوابه مفتوحة على مصراعيها.. فأيهما أولى التبرع لبناء مدرسة تخلصنا من الأمية والجهل وتمنع التسرب من التعليم الذي يهدر حقوق أجيال عديدة في الترقي والصعود الاجتماعي.. أو بناء مستشفى لعلاج الفقراء وما أكثرهم أو بناء مصنع يمتص البطالة أو تشغيل آخر معطل يضيف إلى الناتج القومي ويوفر للعاطلين أقواتهم أعظم فائدة للبلاد والعباد الخ.. أم تكرار الحج والعمرة ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم يخدع نفسه بسراب لا يعي حقيقته.


الحج تجرد ورجوع إلى الله وتطهير للنفس.. والحجيج أولى الناس بالرجوع للحق وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف.. فما أحوجنا إلى تصحيح مفاهيمنا وسلوكياتنا، وما أغنى الله عن حج يخالطه رياء وسمعة، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك.

فالحج مؤتمر إسلامي جامع وعبادة تجمع كل صنوف العبادات، وفيه موعظة للحكام والمحكومين على السواء ورمز لوحدة الشعائر والكلمة والموقف للشعوب والدول المسلمة مهما اختلفت أعراقها وتقاطعت سياساتها واتجاهاتها لكن مشاعر الحجيج تتلاقى، وتتوحد غاياتهم ومناسكهم فوق عرفة ركن الحج الأعظم ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، وفي ذلك فليستلهم قادة الأمة وحكامها خُطى النبي الكريم في تدارس أحوال المسلمين وقضاياهم في ذلك الموسم الجامع، فكيف يرتدي الحجيج كلهم زيًا واحدًا ويقفون في صعيد واحد وفي وقت واحدٍ ليؤدوا شعائر ونسكًا واحدة ثم يختلف قادتهم وتتباعد مواقفهم كما نرى اليوم رغم أن همومهم وغاياتهم وتحدياتهم واحدة..

أليس الإرهاب الملتحف بزي الإسلام بهتانًا وزورًا يقف على بابهم جميعًا.. أليست أزماتهم واحدة وأخطار التمزيق والتقسيم تهدد دولهم جميعًا بلا استثناء فلماذا لا تتوحد جهودنا وتتكامل اقتصادياتنا ونقف على قلب رجل واحد في مواجهة الفقر والتخلف والتطرف والفهم الخاطئ للدين ومقاصده حتى صارت صورة المسلمين مشوهة بفعل بعض المنتسبين للإسلام وهو منهم براء وأخذت الدول العربية تتفتت وتضيع على أيدي أبنائها الذين جرى تجنيدهم فيما يعرف بحروب الجيل الرابع والخامس.
الجريدة الرسمية