رئيس التحرير
عصام كامل

أسامة الدليل: الدوحة استخدمت المال السياسي لشراء اللاعب «نيمار» وجذب أنظار العالم

فيتو

  • المقاطعة العربية ضد قطر حققت نجاحا ساحقا
  • هذه خطة بريطانيا للهيمنة على العالم مرة أخرى
  • قناة السويس الجديدة وحقل «ظهر» مصادر لزيادة نفوذ مصر سياسيا في المنطقة
  • جامعة الدول العربية لا تعتبر ورقة ضغط وقراراتها تساوي "صفرا"


يعتبر أسامة الدليل، واحدًا من كبار محللي الشئون الخارجية في مصر والوطن العربي، ويحرص الآلاف على متابعة آرائه في كل القضايا الإقليمية والدولية، نظرًا لاقترابه من كبار المصادر للأحداث المحركة في الشرق الأوسط، وتحليلاته الثاقبة للعلاقات الدولية والقضايا الجيوسياسية، ولعل لقاءاته المتكررة من الرئيس السوري بشار الأسد خير دليل على ذلك، ويشغل الدليل منصب رئيس قسم الشئون الدولية بالأهرام العربى.

وفي لقائه مع صالون «فيتو»، أكد أن لجوء قطر لاستخدام المال السياسي وراء عدم تحرك المجتمع الدولي ضدها حتى الآن بقرارات رسمية، لافتا إلى أن إمداداتها بالغاز لكبرى الدول أسهمت في تخفيف الضغوط الدولية عليها، وأن مخاوف الدول الأوروبية من زيادة نسب البطالة في حال طرد الاستثمارات القطرية يمنعها من أي تحرك رسمي... وإلى نص الحوار:


- ما تفسيرك لازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع مصر؟
المسألة تعتبر اقتصادية بالمقام الأول وليس سياسية، فبرغم قتل سفير روسيا على الهواء في تركيا، لم تتأثر العلاقات، ولكن في مصر لا تزال روسيا رافضة عودة السياحة بسبب حادث سقوط الطائرة، ولكن بالنظر إلى أوروبا تجد أن المورد الرئيسي للغاز لأوروبا هو روسيا فهي تورده عن طريق المجرى الشمالي والجنوبي من خلال خطي غاز يمدون أوروبا بالكامل، مما جعل أوروبا واقعة في عرض النفوذ الروسي، وكان لديهم أمل في حصول تركيا على الغاز القطري والإيراني لمد أوروبا عن طريق خط غاز اسمه "نابوكو"، ووافق عليه الجميع بمن فيهم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولكن بشار الأسد هو من وقف ضد ذلك المشروع.

- وهل يؤثر ذلك فى الضغط التركي للدخول في الاتحاد الأوروبي؟
بالطبع، فإن خطة توريد الغاز لأوروبا تأتي في إطار بسط السيطرة والنفوذ، من أجل استخدامه كورقة ضغط لدخول الاتحاد الأوروبي.

- وما الاستفادة القطرية من دعم الإرهاب في سوريا؟
تحتاج قطر بشدة لعزل نظام بشار الأسد الذي رفض الموافقة على تمرير خط غاز نابوكو، المقرر أن يتم نقل الغاز من قطر عبر تركيا ومجموعة من الدول منها سوريا، إلى أوروبا، لذلك تريد القضاء عليه في أقرب فرصة حتى يكتمل مشروعها في أقرب وقت.

- وما تقييمك للمواجهة الإعلامية مع قطر؟
في البداية يجب توضيح أن ما حدث مع قطر يعتبر أزمة وليس صراعا، فكل منهم له أدوات للمواجهة، لذلك يجب أن تدار الأزمة بأدوات إعلامية كما أدار الجانب الأخر الإرهاب إعلاميا، ويجب أن تكون على نفس الجودة والقدرة، وعدم التورط في شخصنة الأمور في شخص آل تميم، فقضيتنا هي وقف الدعم القطري للإرهاب، وإلا وقعنا في فخ قناة الجزيرة، التي خصصت قدرتها لهز الأنظمة الاجتماعية، ولكن الإعلام المصري أخطأ في تصدير القضية على أنها صراع وليست أزمة، فقطر ليست إسرائيل ودولة عربية مسلمة، ولكنها غردت خارج السرب.

- من وجهة نظرك هل لقطر دور في العمليات الإرهابية الأخيرة في أوروبا؟
بالفعل، وكان الإشارة لذلك قبل أسبوع من تلك العمليات، حيث التقى قائد عمليات البنيان المرصوص الليبية التابعين لجماعة الإخوان، مع وزير دفاع قطر في الدوحة، وفي نفس اليوم تم تحويل ملف قائد العمليات في جيش حفتر بتهمة جرائم حرب بعد أن قتل الأخير عناصر داعش وألبسهم البدل حمراء اللون.

- إلى أي مدى نجحت المقاطعة العربية في تحقيق أهدافها؟
بمجرد الكشف للعالم أن هناك داعما للإرهاب وأن الإرهاب ليس الصورة النمطية للشخص الملتحي الذي يردد الله أكبر، ولكن يقف وراءه ممولون وداعمون، فهو مجرد واجهة وفي الظهر ممولون، وكشف ذلك يعتبر نجاحا ساحقا.

- وما السر وراء عدم اتخاذ قرارات دولية ضد قطر حتى الآن؟
العالم منزعج، وليس من السهولة اتخاذ قرار دولي ضدها، فهي تستخدم المال السياسي استخداما جيو استراتيجيا، ولكن الأهم أن قطر تعتبر مورد الغاز "رقم واحد"، ولابد من الوقوف هنا، لذلك أمريكا على رأيين، فالرئيس الأمريكي له رأي، ووزير خارجيته، الذي كان الرئيس التنفيذى لشركة "إكسون موبيل" له رأي آخر، فهو لا يهتم للأزمة العربية مع قطر، ولكن يهتم بالغاز الذي بدونه تتجمد أمريكا في الشتاء، كما أن روسيا وهي منافس كبير في تصدير الغاز تنتظر موقف أمريكا تجاه قطر.

- هل حققت قطر ما تريده من استخدامها للمال السياسي خاصة في بريطانيا وفرنسا؟
قطر الآن معزولة عن العالم إعلاميًا، وتريد أن تحرك دائرة الضوء نحوها، ولذلك مثلًا استخدمت المال في شراء اللاعب البرازيلي «نيمار»؛ لتجذب أنظار العالم إليها، ولا يمكن لدول أوروبية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا اتخاذ موقف ضد قطر من شأنه سحب الاستثمارات القطرية المتوغلة في اقتصادياتها، بما يزيد من نسب البطالة بشكل كبير، وهي القضية الأولى لأوروبا، فبزيادة البطالة تسقط الدول الأوروبية، إضافة إلى أن 20% من الغاز الذي يشغل المصانع في أوروبا يأتي من قطر.

- ذكرت أن بريطانيا تسعى إلى الهيمنة على العالم مرة أخرى.. ما خطتها لتحقيق ذلك؟
بريطانيا وفرنسا ودول احتلال العالم القديم انحصر دورها بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأت روسيا وأمريكا في السيطرة على العالم، وتسعى بريطانيا حاليًا لاستعادة دورها في الهيمنة على العالم، وبريطانيا لها مستعمرة في الهند، وتسعى للوجود بقوة في منطقة الشرق الأوسط، وبدأت بافتتاح قاعدة بحرية في البحرين اسمها "قاعدة شرق السويس البحرية الملكية"، وإذا نظرنا لمسمى القاعدة نستنبط ندم بريطانيا على الخروج من قناة السويس وإنها تسعى لاستعادة السيطرة على منطقة الشرق الأوسط والخليج.

- من منطلق سيطرة الغاز على السياسة.. هل حقل «ظهر» يزيد نفوذ مصر سياسيًا في المنطقة؟
بالطبع، وليس سياسيًا فقط، وإسرائيل لديها حقلان للغاز "تمار وليفاتا"، وتلك الحقول بها غاز ولكن لا أحد يشتري منها الغاز، أما مصر بها العديد من حقول الغاز وليس "ظهر" فقط، والدول تفضل مصر على إسرائيل لأن لدينا محطات تسييل وخط أنابيب ومحطات لناقلات الغاز السائل في بورسعيد ودمياط الجديدة، أما إسرائيل لا تملك تلك المحطات أو الخطوط، وبسبب الغاز قطر لديها أضخم مورد للأسمدة وهي شركة "كافاك"، وبسبب الغاز في مصر أنشأنا شركة "موبكو" وسينافس بقوة في الفترة القادمة؛ لأن موقعه مباشر على البحر المتوسط، ونشير إلى أن قطر كانت وراء اشتعال دمياط عام 2011 في خطة منها لإغلاق هذا المصنع، ولكنها لم تنجح، ومصر ستكون رائدة في هذا المجال عالميًا.

- ما دور قناة السويس في ريادة مصر بالنسبة لحركة التجارة والملاحة العالمية؟
قناة السويس تمثل أهمية كبرى بالنسبة للعالم، وتمثل نفوذا كبيرا لمصر في المنطقة، وفي حالة إغلاق مصر للقناة سيتأثر اقتصاد العالم كله، وإذا نظرنا للخريطة نجد أن القناة توفر الوقت للناقلين كما توفر الأمان، حيث إن من يريد الالتفاف حول قارة أفريقيا للخروج من مضيق جبل طارق يواجه مخاطر القرصنة.

- لماذا لا نستخدم جامعة الدول العربية في الضغط الدولي على قطر؟
جامعة الدول العربية لا تعتبر ورقة ضغط، وقراراتها تساوي "صفرًا"، وهي ليست كيانًا يعلو فوق الحكومات العربية، ولا تستطيع أن تجبر أي حكومة على أي شيء، وليست مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي التي تعد قراراتها ملزمة للدول.

- وماذا عن مجلس التعاون الخليجي؟
مجلس التعاون الخليجي كان المنظمة العربية الإقليمية الوحيدة الفاعلة وتتخذ قرارات وتنفذها، وتلك المنظمة الآن تنفجر داخليًا، حيث إن أعضاءها 6 دول منها "الكويت وعمان" وهما على الحياد دائمًا، وقطر خرجت من الحسبان الآن، فأصبح قوام المنظمة 3 دول فقط الإمارات والسعودية والبحرين.

- هل تعتقد أن الصراع في سوريا طائفي بالمقام الأول؟
تلك الصورة التي حاولت قطر وحلفاؤها تصديرها، على اعتبار أن بشار الأسد شيعي، ولكن بحسب معلوماتي خلال زيارتي لسوريا ولقائي مع الأسد، فإن حافظ الأسد تحول من المذهب الشيعي إلى السني قبل وفاته، وبالتبعية أصبح بشار سنيًا، وزوجته سنية أيضًا.
الجريدة الرسمية