رئيس التحرير
عصام كامل

دعوات المساواة في الميراث تثير غضب الأزهر.. شومان: تظلم المرأة وتتصادم مع الشريعة.. وكيل كلية الدعوة: لا يستطيع إنسان تحليل ما حرمه الله.. والمشيخة: قضية خارج نطاق الاجتهاد ونرفض المساس بالعقيدة

الرئيس التونسي باجي
الرئيس التونسي باجي قايد السبسي

تسببت دعوة الرئيس التونسي باجي قايد السبسي، إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، في حالة جدل بتونس والدول العربية كافة، وخاصة في مصر، حيث الأزهر الشريف بوصفه المؤسسة الدينية الأكبر في العام الإسلامى والذي أكد في بيان له أن قضية الميراث من الأمور التي لاتقبل الاجتهاد لكونها ثابتة القطع والدلالة برد وصفه البعض بأنه موقف يسجل للأزهر في دفاعه عن القضايا الثابتة والتي جاء تفصيلها من قبل الشرع الكريم.


◄ أول رد فعل
وكان أول رد فعل من المسؤولين من الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر، الذي أكد أن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام، مشيرًا إلى أن المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغير الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة لا مجملة، وكلها في سورة النساء، وهذا مما أجمع عليه فقهاء الإسلام قديمًا وحديثًا.


◄ ظلم النساء
وأضاف شومان عبر صفحته الشخصية، على فيس بوك: «أن دعوات التسوية بين النساء والرجال في الميراث بدعوى إنصاف المرأة هي عين الظلم لها؛ لأن المرأة ليست أقل من الرجال في جميع الأحوال، فقد تزيد المرأة على نصيب رجل يشاركها نفس التركة في بعض الأحوال كمن ماتت وتركت زوجًا وأمًا وأخًا لأم؛ فإن الأم نصيبها الثلث بينما نصيب الأخ لأم السدس أي أن الأم وهي امرأة أخذت ضعف الأخ لأم وهو رجل.


◄ شروط التسوية
وتابع: «من الممكن أن تساوي المرأة الرجل في بعض المسائل كمن ماتت وتركت زوجًا وأمًا فإن نصيب الزوج نصف التركة ونصيب الأم النصف الآخر فرضًا وردًا، كما أن فرض الثلثين وهو أكبر فرض ورد في التوريث لا يكون إلا للنساء ولا يرث به الرجال فهو للبنات أو الأخوات فقط، فمن ماتت وتركت بنتين وأخًا شقيقًا أو لأب، فللبنتين الثلثان وللأخ الباقي، وهو الثلث؛ أي أن البنت تساوت مع الأخ وهناك العديد من المسائل التي تساوي فيها المرأة الرجل أو تزيد عليه وكلها راعى فيها الشرع بحكمة بالغة واقع الحال.. وليس لاختلاف النوع بين الذكورة والأنوثة كما يتخيل البعض».


اقرأ أيضًا:
وكيل الأزهر يكشف حكم زواج المسلمة من غير دينها


◄ قضية منهية
من جانبه، قال الدكتور محمود الصاوى وكيل كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الحلال هو ما أحله الله إلى يوم القيامة والحرام هو ما حرمه الله إلى يوم القيامة، مشيرًا إلى أنه لايستطيع إنسان على وجه الأرض أن يحرم ما أحله الله أو يحل ما حرمه الله.


◄ نصوص مقدسة
وأضاف "الصاوى" لـ"فيتو" أن قضية الميراث منتهية من قديم الزمن وأن الله لم يتركها إلى نبى مرسل أو ملك مقرب وإنما أنزل فيها قرآنا يتلى إلى يوم الدين، في سورة النساء، وأنها من القضايا المعلومة من الدين بالضرورة، ولا يستطيع إنسان أيًا كان أن يحل الحرام المجمع عليه أو يحرم الحلال المجمع عليه أيضًا.


وأشار"الصاوى" إلى أنها قضية تشريع من عند الله عز وجل، مستدلا بقول الله تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ".


طالع أيضًا:
خطيب الجامع الأزهر: كافر من أنكر معلوما من الدين بالضرورة


◄ القول الفصل
بدوره، حسم الأزهر القضية في بيان رسمي أكد فيه أن النصوصَ الشرعية منها ما يقبل الاجتهاد الصادر من أهل الاختصاص الدقيق في علوم الشريعة، ومنها ما لا يقبل، والنصوص إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة معًا فإنها لا تحتمل الاجتهاد، "مثل آيات المواريث الواردة في القرآن الكريم، والنصوص الصريحة المنظمة لبعض أحكام الأسرة؛ فإنها أحكام ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة بلا ريب، فلا مجال فيها لإعمال الاجتهاد، وإدراك القطعي والظني يعرفه العلماء، ولا يُقْبَلُ من العامَّةِ أو غير المتخصِّصين مهما كانت ثقافتهم.


◄ مسئولية دينية
وأضاف:"يأتي ذلك انطلاقًا من المسئولية الدينية التي تحمَّلها منذ أكثر من ألف عام وتزيد إزاء قضايا الأُمَّتين العربية والإسلامية، وحرصًا على بيان الحقائق الشرعية ناصعة أمام جماهير المسلمين في العالم كله.


◄ استفزاز المسلمين
وتابع الأزهر: مثل هذه الأحكام لا تَقْبَلُ الخوضَ فيها بفكرةٍ جامحةٍ، أو أطروحةٍ لا تستندُ إلى عِلم صحيح وتصادم القطعي من القواعد والنصوص، وتستفزُّ الجماهير المسلمة المُستمسِكةِ بدينها، وتفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات المسلمة، ومما يجبُ أن يعلمه الجميع أنَّ القطعيَّ شرعًا هو منطقيٌّ عقلًا باتفاقِ العلماءِ والعقلاء.


◄ ضوابط الاجتهاد
وأوضح أنه يتأتي الاجتهاد فيما كان من النصوص ظنيَّ الثبوت أو الدّلالة أو كليهما معًا، فهذه متروكة لعقول المجتهدين لإعمال الفكر واستنباط الأحكام في الجانب الظَّنِّي منها، وكل هذا منوط بمن تحققت فيه شروط الاجتهاد المقررة عند العلماء؛ وذلك مثل أحكام المعاملات التي ليس فيها نص قاطع ثبوتًا أو دلالةً.


وأكد الأزهر رفضه القاطِع لتدخل أي سياسةٍ للمساس – من قريبٍ أو بعيد- بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو تعبثُ بها، وبخاصةٍ ما ثبت منها ثبوتًا قطعيًّا.


واختتم، إن رسالةَ الأزهر الشريف وبخاصةٍ ما يتعلَّق بحراسةِ دين الله هي رسالةٌ عالمية لا تَحدُّها حُدُودٌ جُغرافية، ولا توجهات سياسية.
الجريدة الرسمية