رئيس التحرير
عصام كامل

اهتمام الرئيس بالتعليم.. رغبة حقيقية في التغيير!


لعل اهتمام الرئيس بالتعليم والعلم هو استقراء لتاريخ ورغبة حقيقية في إجراء تغيير جاد في المجتمع، بعد تراجع منظومة التعليم وعشوائيتها المفرطة على مدى عقود حتى باتت تهدم أكثر مما تبني وتضعف أكثر مما تقوي، وأخرجت مصر للأسف من التصنيف العالمي لجودة التعليم، وجعلت الخريجين غير قادرين على المنافسة في سوق العمل، وأبقت الأمية على معدلاتها وربما زادت قياسًا بزيادة السكان وتنامي أعدادهم بصورة خطيرة تأكل الأخضر واليابس وتهدد أي تنمية حقيقية.


ورغم أن مصر دخلت عصر المعلومات والاتصالات وقطعت شوطًا لا بأس به في سباق المعرفة وفي صناعة خدمات التعهيد التي كانت تضخ عشرات المليارات قبل ثورة يناير، لكنها للأسف تراجعت بعدها لأسباب عديدة.. لكنها لا تزال تملك إمكانيات واعدة مبشرة نرجو لمن يقود سفينة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن يعاود إحراز طفرات مماثلة للدول المنتجة للعلم والمعرفة والتكنولوجيا، مدعومًا بإرادة سياسية لا تقبل بغير النجاح بديلًا، وموارد بشرية وطبيعية وموقعًا وموضعًا لا يقبل المنافسة.

لقد أدركت الدولة وقيادتها أن إصلاح التعليم قضية أمن قومي لا تقبل التأجيل ولا المماطلة، ولديها الإرادة السياسية القادرة على التغيير، ولا يبقى إلا أن يتعاون المجتمع، وأن يبادر القطاع الخاص لتبني تلك الاستراتيجية ورعاية المواهب العلمية والباحثين النابهين لترجمة أفكارهم الفذة إلى مخترعات ومكتشفات تدر -حال توظيفها بصورة صحيحة- عوائد ضخمة، يمكنها أن تغير خريطة مصر، فلا يكفي مثلًا أن يبشرنا وزير التعليم العالي بأن مصر احتلت الترتيب الـــ 35 في مجال البحوث العلمية المنشورة عالميًا.. لكن الأهم: هل استفدنا نحن منها في تحسين واقعنا وتخفيف معاناة شعبنا مع الفقر والتخلف والعشوائية والأمية والمرض وارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم.

تعليمنا كله في حاجة لجراحة عاجلة وعناية طويلة الأجل، ومن حسن الحظ أن ذلك صادف إرادة سياسية راغبة في الإصلاح وقادرة عليه بمعاونة الجميع، فاليد الواحدة لا تصفق، والكل مدعو للمشاركة في إنهاض التعليم وتطوير البحث العلمي، بعيدًا عن المهاترات والنفاق، فما أشد حاجتنا للتخلص من البيروقراطية والروتين وأعداء النجاح والتلقين والحفظ، وإصلاح الجهاز الحكومي المترهل ولن يتحقق شيء من ذلك إلا بتعليم جيد، يعيد صياغة العقل وتنشيطه ويعزز القيم الأخلاقية الرفيعة، واقتصاد قوي وديمقراطية رشيدة لاجتثاث آفة الجهل والتخلف والفساد، وهو إصلاح يتطلب التوازي في المسارات كافة.. قاعدتها التعليم وذروة سنامها البحث العلمي وميكنة الجهاز الحكومي وتجفيف منابع الفساد.
الجريدة الرسمية