رئيس التحرير
عصام كامل

هل الفريق شفيق برىء أم فاسد؟


حكم البراءة من المحكمة لم يكن كافيا لحسم ذلك التساؤل الذى تنقسم مصر إلى نصفين فى إجابته.

فهناك من رضى تماما بحكم البراءة واعتبره ظهورا للحق وإعفاء للرجل من التهم الباطلة التى ألصقت به خصوصا أن ملابسات القضية تثير الشكوك، فقد قدمت تلك البلاغات للنائب العام قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية وقد تقدم بها من ثبت ولاؤهم لمرشح جماعة الإخوان المسلمين والذى كان ينافسه الفريق شفيق بقوة، مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول الاتهامات ونية المتقدمين بها لتشويهه أو ما إلى ذلك من أساليب حقيرة ورثناها من النظام السابق للتعامل مع المنافسين.


وعلى النقيض تماما يرى البعض الآخر أن شفيق هو الفاسد الذى استولى على أموال الدولة فى عهد مبارك ورئيس وزرائه الأكثر ولاء، بسبب الظروف التى تم تعيينه فيها، كما يرون أن البراءة ما هى إلا استكمال لمسلسل البراءات التى تصدر من بعد ثورة يناير للمتهمين فى قضايا الفساد وقتل الثوار.

فى تلك الحالات دائما كان الفيصل بين الفريقين هو حكم المحكمة، واليوم حكم المحكمة أصبح مجرد وجهة نظر يراها البعض عادلة والبعض يراها متواطئة.

لم أكتب لأنصر أيًا من وجهتى النظر على الأخرى، ولكن فقط أردت التعرض لأحد إنجازات الرئيس الجديد بعد توليه السلطة بتسعة أشهر بدأها بالقسم على حفاظه على سيادة القانون، وملأها من خطاباته بالتهديد والوعيد أحيانا والاستهزاء أحيانا أخرى بأحكام القضاة.

فإذا كان رئيس الجمهورية يقيل النائب العام تعسفيا فى إعلان دستورى ويعين نائبا جديدا بقرار تحكم المحكمة ببطلانه ولا يتم تنفيذه بل ويتحدث مستشارو الرئيس القانونيون عن استحالة تنفيذه، فلا عجب أن يتحول حكم القضاء إلى مجرد ورقة يتلاعب بها من يريد ليثبت رأيه أو ينفى آراء الآخرين.

لم يكن من العجب أيضا دعوة الأمس لمليونية تطهير القضاء، فالأمر لم يتوقف عند زعزعة استقرار المؤسسة من الداخل، فقد فطن الجميع لأن القضاء أصبح أحد أبرز المؤسسات التى تتجلى فيها صورة المعركة السياسية المحتدمة بفضل تصريحات الرئيس وتحركات أهله وعشيرته؛ ولأن استقلال القضاء وترفعه عن المطامع السياسية هو المصدر الرئيسى لسيادة القانون واحترام أحكام القضاء، فقد سقطت دولة القانون تماما وكليا بعدما فقد المواطن المصرى ثقته فى القضاء ونزاهة رجاله.

دولة بلا قانون تعنى مسئولاً بلا رقيب ومواطنا بلا حقوق بل وحياة بغير أمن؛ فبعد أن كنا نطالب بآليات لمحاسبة المسئولين أصبحنا نفتقر لمن يحاسبهم، وبعد أن كان تذمرنا من انعدام الشفافية بين الحكومة والمواطن، تحولنا إلى انعدام المصداقية من الأساس وافتقارنا إلى المعلومة الصحيحة حتى إن أعلنت.. ولا يقف الخطر عند هذا الحد.. فغياب القانون يجعل من التعامل بين المواطنين عقبة يومية، فقد بات المتظلم بلا أمل والظالم بلا رادع والحق بغير قوة.. أفلا تكبرون؟!!
twitter.com@mahmoudnabee
الجريدة الرسمية