ساقية العمر
قال لي صديقي بعدما ظل في عمله الذي يحبه منذ أكثر من 20 عاما: الآن ابدأ مرحلة جديدة في عملي لكن بآليات وأهداف جديدة وتدريب جديد بعدما شاب الرأس وبلغتُ الخمسين من العمر، أتعلم الكمبيوتر بعدما ظللت لا أعلم عنه شيئا، أدخل إلى عالم الإنترنت وقد كنت أسمع عنه فقط من أولادي.
سألته: هل تجد حرجا في هذا؟
فقال: مطلقا بل كلي حماس لبداية جديدة أستوعب بها مفاهيم أخرى لم أكن أعلم عنها شيئا، أحتك بآخرين، أحاول أن أنفض غبار الركون إلى الماضي عن عقلي وأستوعب أنني في وقت ومكان آخر.
وأسررت لنفسي وأنا أنظر إليه: تضغط علينا ظروف الحياة والتزاماتها للاستمرار فيما لا نتقبله بداية ونراه من بعيد صعبا وهو سهل في مضمونه وطريقته، ولكن نحتاج الإصرار لاقتحامه، وربما لو ابتعدنا لنسينا ما تعلمنا قديما من الأصل وركنّا إلى الكسل والخمول والراحة.
يقول رب العزة في محكم آياته في سورة البلد "ولقد خلقنا الإنسان في كبد".
مشوار العمر يظل مليء بالتطلعات، طموح في تفوق، طموح في عمل، طموح في زواج، طموح في إنجاب، طموح في نقود، طموح في صحة، طموح في سفر، طموح في تربية الأبناء ثم تزويجهم، وتظل هكذا الطموحات لا تنتهي حتى يقضي الله الأجل.
ودعني صديقي وهو يهم بالذهاب إلى إحدى دورات الكمبيوتر لكى يكمل حلقة التدريب مبتسما، قائلا : "لعله خيرا يا صاحبي".
وكررها هامسا : "لعله خير".