رئيس التحرير
عصام كامل

الخلود وشبح الفناء


الخلود هو الحلم السرمدي الذي نال من الإنسان المصري لآلاف السنين والفناء هو الوحش الكاسر الذي يطارده إلي يومنا هذا ولم يتمكن منه بعد ..

والآن مع السؤال .. متي وفي أي حيز زمني أخذت الحضارة المصرية طورها الطبيعي في التشكل والاكتمال ؟. ببساطة نحن لا نعرف ولكن مع البحث قد نكتشف ولكن أين نبحث ؟ في الحجر، في باطن الأرض وعلي جدران المعابد والأبنية الباقية أنبحث داخل الأهرام .. أم نبحث داخل الإنسان.

نعم الإنسان المصري هو أعظم مقبرة فرعونية من الممكن أن تكتشف علي وجه الإطلاق، فنحن نتكلم عن ماضينا السحيق دون أن نشعر ونحلل الأمور الحاضرة بميزان مثقول بأيام مصر الغابرة إذا فتاريخنا هو الغائب الحاضر أمام أعيننا بشكل دائم، يفرز نفسه من أعماق اللاشعور لدينا ويتجلي في تفاصيل حياتنا اليومية ونحن نياما.

ولكي نبدأ البداية الصحيحة في رحلتنا هذه علينا أن نقف أولا بموضوعية وثبات أمام مجموعة من الحقائق المرتبطة بتاريخنا العظيم ولضيق المجال فسوف أخصص لكل حقيقة مقال منفرد بها فيه شيء بسيط من التفصيل.

أول هذه الحقائق أننا جميعا نعشق الخلود ونرنوا إليه بشغف وحرص كبير فهو أثمن مايملكة المصري في حياته سواء كان مسلما أو مسيحيا ولكن علينا أن ندرك أن كل المصريين الذين توفاهم الله قبل ميلاد المسيح قد تم تحنيط أجسادهم ودفنوا في باطن الأرض بعناية بالغة فالحفاظ علي الجسد دون إتلاف كان هو أخطر مهمة قد يقوم بها المصري القديم في كل حياته فقد كان المصري القديم يعيش ويكافح طوال حياته من أجل تأمين المال اللازم لتحنيطه هو وأفراد أسرته ولانزال حتي يومنا هذا نملك هذا الاعتقاد في داخلنا ولكن مع اختلاف الأسلوب فقد حل الكفن والمدفن مكان عملية التحنيط التي لاتزال إلي يومنا هذا تذهل العالم وتتحدي عبقرية العلوم الحديثة.

والاستخلاص الذي يتضح لنا الآن يؤكد أن هناك ملايين من المومياوات ماتزال كامنة في باطن الأرض إذ أنها لم تكتشف بعد ومن هنا يبدأ الطريق الأول في رحلة البحث وسوف يكون لعلم الهندسة الوراثية الكلمة العليا في فك رموز اللغز الأكبر الكامن خلف ماضينا السحيق فنحن لا يمكن لنا الآن أن نجزم بتاريخ قاطع عن بداية تحنيط الأجساد في مصر مادام هناك أجساد محنطة ماتزال باقية في باطن الأرض ولم تختبر وراثيا بعد، مازال الطريق طويلا وقد يكون عسيرا ولكنه يبقي طريقا واضحا لبلوغ الحقيقة التي نأمل أن ينال هذا الجيل نصيبا منها.

الجريدة الرسمية