رئيس التحرير
عصام كامل

شهادات للتاريخ.. محمد نجيب لم يكن خيال مآتة! (2)


ومن الشهادات المهمة التي أنصفت محمد نجيب كقائد لثورة 23 يوليو وأول رئيس لمصر ما قاله الدكتور رفعت يونان إن نجيب زعيم الثورة بلا منازع بشهادة البكباشي جمال عبد الناصر.. فقد أخذوا هذا الرجل وطافوا به أنحاء مصر كلها ليثبتوا أقدام الثورة.


ويقول المفكر الكبير الدكتور مصطفى الفقى إن محمد نجيب بلا جدال صاحب دور أساسي في ثورة 23 يوليو، وهذا أمر لا يجب التشكيك فيه إطلاقًا، ولو أجهضت الثورة وعلقت أعواد المشانق لكان محمد نجيب أول من سيدفع الثمن، ولا أتفق مع من يقول إن ما جرى لمحمد نجيب أمر طبيعي؛ فالثورة لم تكن عادلة معه؛ إذ كان هذا الرجل نموذجًا قريبًا من النحاس باشا؛ وبالتالي كان هناك شعور عام بأنه يكتسح ويكتسب شعبية، وهناك طموحات لعبد الناصر ورفاقه لا تقبل بمثل هذا التحول أو ترضاه.. لكن لا يمكن أن ننصف محمد نجيب بحملة على عبد الناصر والسادات.. علينا أن نتحدث بالوثائق ونترك الحكم للقارئ، أما اختفاء محمد نجيب وما جرى فقد سمعت من أحد الضباط مباشرة حديثًا عن الاعتداء الجسدي على نجيب وأنهم حاولوا قتله في 1956.

أما الكاتب خالد محمد خالد فقد قال إن وجود محمد نجيب على رأس حركة الجيش بمثابة الكوبري العظيم الذي عبرت عليه الحركة بكل ثقلها ومخاوفها وأحلامها إلى مستقبلها الآمن الوثيق، وإذا كان جمال عبد الناصر قد حوَّل الانقلاب إلى ثورة بما أحدثه من إنجازات كبيرة وتغييرات واضحة وعميقة في المجتمع المصري بل العربي أيضًا، فقد كان نجيب الممهد الأول للظروف الآمنة التي مكنت الثورة من الاستمرار في طريقها. 

ونستطيع القول إن نجيب كان كلمة السر ولو أنه ظل، حيث كان ينبغي أن يظل لما شهدت مصر ما شهدته لا أقول من تجاوزات بل جرائم، ولو أنه بقي حيث كان يجب أن يبقى لعاش الشعب تحت مظلة ديمقراطية راشدة وحرية سابغة، ولو أنه لبث في مكانه وما عهدناه من إيمانه العظيم بالديمقراطية والحرية والشورى ما شهد الشعب ولا الجيش نكبتي 65 و67.. لقد دفع الفقيد الكبير ثمن انتصاره للديمقراطية غاليًا من أمنه وحياته.

ما قيل عن محمد نجيب رغم وجاهته لا يقلل أبدًا من دور جمال عبد الناصر ورفاقه في صناعة الثورة التي غيرت وجه الحياة على أرض مصر، وإذا كان الرئيس السيسي قد صحح الصورة الذهنية المغلوطة عن أحد أهم رؤساء مصر فإن الموضوعية تقتضي أن يبادر المؤرخون لإكمال وجوه الإنصاف الأخرى بتسليط الضوء على مزيد من جهود الرجل وكفاحه، وهو ما نرجو أن تضطلع به مكتبة الإسكندرية ورئيسها المفكر الدكتور مصطفى الفقى بتوثيق أدوار من حكموا مصر حتى تصبح الحقائق كاملة أمام الشعب ليحكم لهم أو عليهم بمنتهى الأمانة والنزاهة.
الجريدة الرسمية