نحتاج ثورة حقيقية في التعليم والثقافة!
نحن في حاجة إلى ثورة حقيقية في التعليم والثقافة، ثورة تنهي سطوة الثانوية العامة ورهبتها وآثارها المدمرة ومتاعبها. وإذا كان نظام البوكليت مثلًا قد نجح باقتدار في تحجيم الفشل فلا مانع من استمراره وتطويره كخطوة أولية عاجلة للإصلاح، جنبًا إلى جنب الإستراتيجية بعيدة المدى.. كما نرجو أن يهتم د. طارق شوقي بالتعليم الفني الذي تحتاج إليه مصر بشدة، فخريجوه الحاليون دون المستوى، لا يفيدون أنفسهم ولا الدولة التي أنفقت على تعليمهم مليارات الجنيهات.. فكانت الخسارة محققة للجميع بخلاف ما يحدث في الغرب الذي يجعل التعليم الفني في مرتبة أعلى ماديًا واجتماعيًا وينال خريجوه احترامًا يجعلهم يقبلون عليه بأريحية وشغف وليس اضطرارًا كما يحدث عندنا..
نحن في أشد الحاجة لعمالة فنية ماهرة مدربة ملمة بفنون العصر ومستحدثاته في المصانع والشركات.. في الزراعة والبناء والصناعة والخدمات والميكانيكا والكهرباء.. أين مثلًا مشروع مبارك كول ذلك الذي يطبق بنجاح باهر في ألمانيا التي تجني مليارات الدولارات عوائد اقتصادية تحققها العمالة الفنية المدربة هناك.. لقد ظهر مثل هذا النموذج في عهد الوزير د. حسين كامل بهاء الدين، ثم سرعان ما خفت ضوؤه..
أرجو أن يعيد الوزير مثل هذا المشروع وغيره إلى الحياة، حتى يفرز عمالة فنية تحقق قيمة مضافة لمصر، فمبلغ علمي أن الوزير جاء وفي رأسه خطة إصلاحية كبرى تعيد صياغة المنظومة التعليمية لتضعها على الخريطة العالمية التي لم نعد للأسف أحد مكوناتها المضيئة.. ونرجو أن تمد له الحكومة يد العون وأن تبادر قوى المجتمع المدني المعنية بالتعليم بالتعاون معه لإحداث النهضة المطلوبة في التعليم بشتى مكوناته.
فليس التطوير أن نحذف جزءًا من المناهج قد يكون عبئًا لا يضيف شيئًا ذا قيمة، ولا بالتوسع في الكليات النظرية التي عفا عليها الزمن، وإنما هو عملية شاملة لإشباع الاحتياجات الحقيقية للدولة من الخريجين القادرين على بناء نهضة علمية وصناعية وزراعية وتكنولوجية قادرة على الإنتاج، وتحقق القيمة المضافة والمنافسة الجادة عالميًا مثلما فعلت دول نامية كانت مثلنا ثم تفوقت علينا بكثير.
ويوم يكتمل للتعليم أركانه سنجد حتمًا صناعة محترمة واقتصادًا قويًا وزراعة متطورة، وأخلاقًا تعيد الأمن والاستقرار والقيم الجميلة إلى حياتنا.. الاستثمار في البشر قبل الحجر هو ضربة البداية إلى مستقبل واعد والالتزام بالميزانية التي حددها الدستور للتعليم فريضة لا يصح التحلل منها بأي ذرائع حتى نصل بالمجتمع إلى الهدف المنشود.