رئيس التحرير
عصام كامل

فتحى غانم يكتب: المواقع العريانة

فتحى غانم
فتحى غانم

في مجلة روز اليوسف خلال صيف عام 1958 كتب فتحى غانم مقالًا قال فيه :

وافقت الأمم المتحدة على مشروع قرار الدول العربية لحل أزمة الشرق الأوسط، وكانت موافقتها بالإجماع.. وهو إجماع رائع من ناحية، ويحتاج للتأمل من ناحية أخرى.

رائع لأنه يعنى أن العالم اختار طريقا سلميا لحل الأزمة التي كانت تفضى به إلى حرب عائلية، ورائع لأنه يعنى أن الدول العربية قررت أن تعالج مشاكلها مهما بلغت درجة خطورتها فيما بينها.

ورائع أيضا لأن دول الاستعمار وهى توافق على هذا القرار تعترف بالقومية العربية وبوحدة العرب وبمصالحهم المشتركة بينهم.

كما تعترف بمبدأ هام وهو أن من حق العرب أن يرسموا سياستهم لأنفسهم دون تدخل هذه الدول الكبرى باقتراحات ومشروعات يرسمها الساسة في لندن وواشنطن.

ولكن لنتأمل هذا الإجماع من ناحية أخرى، الإجماع لا يعنى أن روسيا اتفقت مع أمريكا، أو أن الجمهورية العربية المتحدة اتفقت مع الملك حسين، كما لا تعنى طبعا أن العرب اتفقوا مع إسرائيل.

ومع ذلك أجمعت كل هذه الدول روسيا وأمريكا والجمهورية العربية والأردن ولبنان وإسرائيل على القرار العربى.. وأصدق وصف لإجماع هذه الدول هو في رأيى أنه إجماع على اتفاق هدنة لا إجماع على اتفاق صلح.

مواقع الاستعمار مكشوفة بل عريانة ومن الممكن بسهولة مراقبتها لمعرفة اتجاهات الاستعمار ونواياه أولا بأول.

إن الاستعمار عريان بجنوده الذين يحتلون لبنان، وهو عريان بجنوده الذين يعسكرون في الأردن، وهو عريان بأسطوله السادس الذي يمرح في البحر المتوسط.

كل ما علينا ألا ننخدع بتصريحات الساسة في لندن وواشنطن وننظر إلى هذه المواقع العريانة لنتبين بسهولة هل سينتهز الاستعمار فرصة هذا القرار للوصول إلى سلام حقيقى معنا أم ستنتهزها الأعداد لوثبة عدائية جديدة.
الجريدة الرسمية