رفاهية فى الأردن
كانت النقاشات حامية حول تنقية قانون الحق في الحصول على المعلومات، الحضور في المؤتمر الذي نظمته مؤسسة القدس في همان الشهر الماصي وفير، صحفيون رجال برلمان وأحزاب ونشطاء حقوقيون.. إلخ، كان هناك توافق على الأهداف، بل وتوافق على الآليات التي يمكن من خلالها الصول إلى قانون حقيقي يصون الأردنيين من الفساد المتفشي كما يقولون في كل مفاصل الدولة والمجتمع.
لكن الحقيقة.. بدى لي كل ذلك كنوع من الرفاهية، أصبحنا بعيدين عنها في مصر، فالأولويات اختلفت، وأصبح الهم الأكبر الآن ليس الحصول على المعلومات على أهميته، ولكن الدفاع عن حق الحياة للصحفيين والإعلاميين والناشطين السياسيين، والتصدي لمحاولات السجن والسحل في الشوارع، فقد تراجعت مصر في الحريات بشكل مروع، وتغيرت بالضرورة الأولويات.
الحقيقة أن الأردنيين يحصدون ثمار ثورة لم يشاركوا فيها، أقصد الربيع العربي، فهناك إصلاحات وهناك مناخ عام مواتٍ، لأن يحققوا تقدماً في الحريات الفردية والعامة، فنظام الحكم هناك استوعب ولو قليلاً ضرورة تحقيق مكتسبات، ليست فقط سياسية ولكن حياتية.
على الجانب الآخر، فقد أسهم ما يحدث في مصر وتونس وليبيا في تراجع شعبية الثورات العربية، وتراجع الحلم بها، فهي لم تحقق الأهداف المعلنة لها، بل على العكس في رأي كثير من القطاعات أصبحت أوضاع هذه الدول أسوأ مما كانت عليه، لذلك يمكنك القول إن المزاج العام في أوساط السياسيين والنشطاء والحقوقيين أصبح أكثر ميلاً إلى الإصلاح في إطار النظام القائم.
لابد هنا من الإشارة إلى أن كل ذلك يأتي أيضاً على خلفية سكانية معقدة إلى حد كبير، فنصف عدد السكان تقريباً من أصول فلسطينية وحصلوا على الجنسية، وهناك التركيبة القبلية والعشائرية التي لا زالت قوية، وهذه كانت تعطل المد الثوري الذي كان امتداداً لثورات الربيع، الذي لم يعد ربيعاً، لكن الذي قضى على هذه النوازع تماماً هو صعود الإسلاميين في بلاد الربيع العربي.
كنت دائماً أمزح مع أصدقائي الأردنيين، وأقول لهم لقد حصدتم ثماراً بسبب الثورة المصرية، ونحن أصحاب الثورة، لم نحصد سوى الخراب على يد الإخوان.