رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل إلى حمدين صباحى! (1)


ربما أتذكر الآن عندما كنت لازلت طالبا صغيرا بالمرحلة الثانوية عام 87 عندما رأيت كيف يربت القطب الناصري الكبير فريد عبد الكريم أمام نقابة المحامين في يوم الاحتفال بإحدى المناسبات الناصرية على خد الأستاذ حمدين صباحي بحنو الأب ويقول له مبتسما: "انت فين .. دورنا عليك كتير كنا عايزينك تسافر إلى الجزائر" .. وبأدب الابن رد حمدين على السؤال.. وكانت - كما فهمتها وقتئذ - تواصل أجيال وانتقال راية الناصرية من جيل إلى جيل!


كان صباحي وقتئذ قد تجاوز الثلاثين بقليل.. ورغم ذلك كان قد سجل لنفسه تاريخا مشرفا يندر أن يحققه شاب في مثل عمره.. ووقائع عديدة من هذا السجل يعرفه الكثيرون وربما تكون إعادته حشوا مكررا.. لكنه في عناوينه العريضة أنه كان زعيما طلابيا بارزا وخطيبا مفوها مميزا بين أقرانه وبطلا لواقعة شهيرة كان طرفها الآخر الرئيس السادات في عز مجده بعد نصر أكتوبر.. وهو أيضا مؤسسا لمؤسسة صحفية تخرج منها عبر سنوات عديدة عشرات الصحفيين يشغل الكثير منهم الآن مواقع بارزة في مختلف المؤسسات.. كلهم تقريبا ينتمون إلى ذلك التيار العريض المنتشر بين ربوع مصر من أقصاها إلى أقصاها..التيار الناصرى!

وبعد كل ذلك صار نائبا بالبرلمان عن دائرة كانت الأعنف في مصر على الإطلاق دفع فيها أهالي بلطيم دماء غالية طاهرة من أجل كرامتهم واختيارهم الحر وبعدها كان أول نائب تعتدي عليه الشرطة علنا في الشارع ويحطمون سيارته في سابقة ليست خطيرة فحسب وإنما في سابقة مرعبة أيضا!

وأخيرا.. تلك النتيجة المشرفة الكبيرة جدا.. قياسا لما تيسر لها من إمكانيات من أصغر المرشحين - أصحاب الفرص الحقيقية - سنا.. وهي نتيجة تعادل الفوز تماما.. قياسا أيضا لما تيسر لمنافسيه من إمكانيات أيضا!

لكل الحيثيات السابقة.. اخترنا صباحي من بين قادة المعارضة.. لتكون رسائلنا الأخيرة إليه.. قبل انتقال مصر من المعلوم السيئ التي هي فيه .. إلى المجهول الكارثي التي تندفع إليه بسرعة لم تكن في حسبان أحد.. على الإطلاق!
وللحديث بقية..
الجريدة الرسمية