رئيس التحرير
عصام كامل

«تعويض الشرف».. اغتصاب البنات بحكم «عرفي».. 80 ألف جنيه تحصلت عليها العائلة مقابل عدم الإبلاغ عن واقعة اغتصاب «هاجر» في المرج.. والأم تحرر محضرا بعد استبعادها من «ال

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

هي واحدة من أغرب الجرائم وأكثرها إثارة وألما للنفس، ضحيتها طفلة لم يتجاوز عمرها 12 عاما، تعرضت للاغتصاب من قبل أحد شباب منطقتها، وبدلا من أن يثور والداها ويسعيان لتقديم ذلك الذئب إلى المحاكمة، لينال جزاءه الذي يستحق، حصلا منه على مبلغ مالي تحت مسمى "تعويض شرف"، ثم زوجا طفلتهما إلى عاطل آخر مقابل إيصالات أمانة، دون تحرير أي أوراق رسمية تثبت الزواج نظرا لصغر سنها.


لم تنته فصول المأساة عند هذا الحد، فقد اختلف الزوجان على تقسيم مبلغ تعويض شرف الطفلة، وانتهى بهما الأمر في النيابة العامة.. محقق "فيتو" تصادف وجوده في نيابة المرج أثناء التحقيق مع الزوجين، واستطاع الحصول على تفاصيل أغرب من الخيال يرويها في السطور التالية كما جاءت على لسان والدتها:

في منطقة شعبية بسيطة بالمرج.. ولدت "هاجر" لأبوين معدومين، ومنذ نعومة أظافرها كانت أمها تجلس بها في الشوارع والميادين العامة، تستجدي المارة وتطلب منهم "حسنة" تعينها على تربية رضيعتها، وفى كثير من الأحيان كانت تتجول في عربات ومحطات مترو الأنفاق سعيا وراء المكسب الوفير.. مرت الأيام والسنين وكبرت هاجر لتجد نفسها هي الأخرى متسولة بالوراثة، وبدأت تساعد أمها في المهنة.

"هاجر".. عندما بلغت العاشرة من عمرها، ظهرت على جسدها علامات أنوثة مبكرة، فارتدت النقاب، كي يبدو شكلها أكبر من سنها الحقيقي، واعتادت التسول داخل عربات السيدات في مترو الأنفاق، وكذلك في المحطات والشوارع والميادين المحيطة بها.. إلى هنا والأمور تبدو طبيعية، إلى أن حدثت خلافات بين الزوجين انتهت بالطلاق.

تقول الأم للمحقق: "ولدت هاجر تحت كوبري بمنطقة المرج، وعلمتها أصول التسول منذ نعومة أظافرها، وعندما انفصلت عن والدها أخذها لتعيش معه في منزله مع زوجته الأخرى، والتي دأبت على إساءة معاملة الطفلة والاستيلاء على أموالها، وإجبارها على العمل ليل نهار وكأنها خادمة عندها".

"ذات يوم عادت ابنتي من عملها بالتسول مجهدة ومنهكة القوى، لتجد زوجة أبيها في انتظارها بالسباب والشتائم ثم طردتها من المنزل بحجة أنها تأكل كثيرا.. خرجت الطفلة تبحث عن مأوى لها، وفي الطريق فوجئت بأحد شباب المنطقة يقطع عليها الطريق ويجبرها على دخول المحل الذي يعمل به، ثم قيد يديها وكتم صوتها واعتدى عليها جنسيا بالقوة، وأعطاها "علبة حلاوة"، كي لا تخبر أحدا بما حدث لها".

صمتت الأم قليلا وأضافت: "جاءتني هاجر في حالة انهيار تشكو ما تعرضت له، فأخذتها بسرعة إلى منزل والدها وأخبرته بالكارثة، ففوجئت برد فعله الغريب، فقد كان سعيدا للغاية وكأن ثروة هبطت عليه من السماء، وعلمت بعد ذلك بوجود عرف في المنطقة، يتم بمقتضاه دفع مبلغ مالي يحدده "شيخ عرب" المنطقة، تحت مسمى "تعويض شرف" للفتاة المغتصبة، وبالفعل توصلنا إلى الشاب الذي اعتدى على هاجر، وتم الاتفاق على دفع "80" ألف جنيه لابنتي، في صورة شقة صغيرة مقابل عدم إبلاغ الجهات الأمنية بالحادث..

هنا طالبت طليقي بالحصول على نصف قيمة الشقة أي 40 ألف جنيه، لأن هاجر ابنتي ومن حقي أن أشاركه في أموالها، إلا أنه رفض بإصرار شديد وراح يهددني ويتوعدني، وبعد أن انتشر خبر حصول الطفلة على تعويض شرفها، أصبحت حلم كل شباب المنطقة، وتقدم لها أكثر من عريس رغم صغر سنها، غير أن والدها اختار عاطلا، مفرجا عنه مؤخرا من السجن، ووافق على تزويجه من ابنتي بلا أية أوراق رسمية، مقابل أن يحصل هذا الشاب على 40 ألف جنيه، ويحصل والدها على المبلغ المتبقي، وأخرج أنا بلا أي شيء، وهذا ما حدث بالفعل.. فتوجهت إلى وحدة مباحث قسم شرطة المرج وحررت المحضر رقم "7549" اتهمت فيه والد هاجر وعريسها المزعوم، بالتلاعب بالطفلة ومحاولة سرقة "تعويض شرفها" غير أن النيابة العامة قررت استمرار الوصاية على الطفلة في يد والدها، ولم يتم التحقيق في الوقائع الأخرى".

بعد أن انتهى المحقق من جمع المعلومات حول قصة هاجر، تجول في المنطقة التي تعيش فيها، وأكد له بعض الأهالي أن ما يقرب من نصف السكان يعملون في التسول، وأن التعليم حتى ولو كان مجرد القراءة والكتابة جريمة لا تغتفر، عقوبتها الحبس في غرفة مغلقة مع الحرمان من الطعام لمدة 3 أيام متتالية.. وقالت إحدى السيدات: "المهنة الأساسية في هذه المنطقة هي التسول، ويوجد ما يشبه المدارس لتعليم الصغار فنون "الشحاتة" واستعطاف المارة في الشوارع ومستقلي الأتوبيسات والمترو.. وتتولى عائلة الأب مهمة التدريب على التسول؛ كي يكون ولاء "الشحات الصغير" لوالده وليس لأمه، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الرجل عادة ما يتزوج أكثر من امرأة في نفس المنزل والجميع يعمل في التسول، فيخشى أن تحدث خلافات وتترك إحدى الزوجات المنزل، وتأخذ صغارها معها إذا كان ولاؤهم للأم وبذلك يفقد الأموال التي يحصل عليها جراء عملهم في التسول".

وعن حكاية تعويض الشرف قالت: "نتيجة لكثرة جرائم الاغتصاب في المنطقة، وخوف الجميع من الذهاب إلى أقسام الشرطة، نظرا لوجود سوابق عليهم واحتراف الكثيرين لتجارة المواد المخدرة، فقد ساد عرف بين البعض يدفع بمقتضاه الشاب المتورط في جريمة اغتصاب، مبلغا ماليا يتم تحديد قيمته حسب ظروف كل حالة، لأسرة الفتاة المغتصبة، وهو الإجراء الذي تم في حالة الطفلة هاجر.. الغريب أن المغتصبة تتحول إلى حلم شباب المنطقة، لدرجة أنه تحدث خلافات ومشاجرات عنيفة بينهم وكل منهم يسعى للفوز بها طمعا في مبلغ "تعويض الشرف"، وأيضا كي تعمل في التسول ويحصل هو على الأموال التي تحصل عليها.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية