رئيس التحرير
عصام كامل

صمودنا سيسقط الفساد والإرهاب لا محالة!


ما يمر به الشعب المصرى الآن هو اختبار صعب للغاية، فالمرحلة الراهنة هي حصاد أربعة عقود كاملة من تحالف الفساد والإرهاب معا، فعندما قامت ثورة 23 يوليو 1952 كانت مصر في حالة تشبه حالتنا الراهنة وكان على الثورة الوليدة أن تدخل ثلاث معارك ضرورية وحتمية هي مواجهة رموز الفساد ومواجهة الإرهاب هذا بالطبع إلى جانب معركة التحرر من الاستعمار.


وبالطبع لم يكن بالإمكان دخول المعارك الثلاث دفعة واحدة لذلك كان لابد من تحديد الأولويات، وبدأ مجلس قيادة الثورة في تحديد المعركة الأولى وهى المواجهة مع رموز الفساد ممثلا في الملك وحاشيته والإقطاع وقام بضربهم ضربات موجعة قوضت دعائمهم، ثم بدأ في التفاوض مع قوات الاحتلال وتم توقيع اتفاقية الجلاء، وبعدها تفرغ لمعركته مع القوى الإرهابية التي حاولت سرقة الثورة وعندما فشلت قامت بمحاولة اغتيال قائد الثورة فكانت المواجهة الحاسمة، وبذلك تمكنت الثورة من توفير المناخ المناسب للبدء في عملية التنمية وبناء المشروع الوطنى المستقل.

ومع مطلع السبعينيات تم الانقضاض على المشروع الوطنى المستقل، وبدأ مشروع التبعية وهو المشروع الذي سمح بعودة الفساد من جديد فمع إعلان الرئيس السادات عن سياسة الانفتاح الاقتصادى، بدأت قيم الفردية والمادية والأنانية والفهلوة تنتشر ومعها بدأنا نسمع عن عودة رموز الفساد الذين كونوا ثرواتهم تحت مظلة الانفتاح - السداح مداح - على حد تعبير الكاتب الصحفى الراحل الكبير أحمد بهاء الدين، فسمعنا مصطلح القطط السمان تعبيرا عن هؤلاء الفاسدين الذين جمعوا أموالهم بالاتجار في كل شيء سواء مشروع أو غير مشروع، وفي نفس الوقت قام الرئيس السادات بعقد صفقة غريبة عجيبة مع رموز الإرهاب فأخرجهم من السجون ليواجه بهم خصومه السياسيين فكانت نهايته على أيدي هؤلاء الإرهابيين.

وجاء من بعده الرئيس مبارك وظل على نفس المنهج الذي وضعه أستاذه ومنح مساحة أوسع للفساد على مدى ثلاثة عقود كاملة تحولت خلالها القطط السمان إلى ديناصورات متوحشة، وتمكنت قوى الإرهاب من التغلغل وبناء النفوذ داخل المجتمع بل وسيطرت على مواقع مهمة داخل كل مؤسسات الدولة، وعندما قامت ثورة 25 يناير لم تستطع مواجهة الفساد وأثناء محاولة القوى الثورية الاشتباك مع رموز الفساد انتهزت القوى الإرهابية الفرصة وقفزت لسدة الحكم، وقامت ثورة 30 يونيو لكنها لم تتمكن في اللحظة الثورية إلا بالإطاحة برموز الإرهاب من سدة الحكم.

لكن ظلت معركة القضاء على الفساد والإرهاب مؤجلة، خاصة أن هذه القوى أصبحت مدعومة دوليا، فقوى الفساد تعمل لدى المشروع الرأسمالى الغربي الذي تدعمه بقوة الولايات المتحدة الأمريكية القوى الاستعمارية الجديدة في العالم، والإرهاب يعمل بالوكالة أيضا لدى المشروع الأمريكى الصهيونى المدعوم بالمال العربي، لذلك لا يمكننا الآن دخول المعركتين في ذات الوقت، وعلينا أن نبدأ بإحداهما والمنطق يقول إن الأولوية لابد أن تكون لمعركة الإرهاب لأنها تستهدف أغلى ما نملك وهم أبناء جيشنا المصري البطل، فالعمليات الإرهابية تحصد يوميًا خير أجناد الأرض وحصيلة شهدائنا تزداد يومًا بعد يوم، لذلك لابد من الصمود خلف الجيش للقضاء على الإرهاب.

وعندما تنتهى معركة الإرهاب نبدأ فورًا في مواجهة الفساد الذي توحش بدرجة كبيرة خلال الأيام الماضية، لدرجة أنه دخل في مرحلة انتقام من الشعب الذي ثار على رموزه في 25 يناير، وأهم وسيلة يستخدمها رموز الفساد للانتقام هي استمرار نفس السياسات الاقتصادية التي أفقرت الغالبية العظمى من المصريين، لكن صمودنا في وجه الفساد والإرهاب سيسقطهما لا محالة.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية