رئيس التحرير
عصام كامل

محمود السعدني يكتب: كله يهون يا دمياط

محمود السعدنى
محمود السعدنى

في مجلة صباح الخير يوليو عام 1968 كتب محمود السعدني مقالا قال فيه:

هذه رأس البر، والناس هنا جميعا زلط ملط، بالفانلة جايز، باللباس جايز، بدون حاجة مفيش مانع طالما أنه ليس بين المصطافين خلاف، وليس هنا مساكن.. ولكن هنا عشش بعضها ممتاز وأغلبها لا يصلح عشش للفراخ.


إذا كنت مستوظفا فالمحافظة على النيل في التراوة، وسيارات المحافظة تتمخطر على الشاطئ طول النهار، وشعار الموظفين المرفوع إذا كان المصطافين غرباء فالمستوظفين هم الأصل.

واذا كنت مثل حالي مصيفا غلبانًا فليس لك في رأس البر إلا الرصيف تسهر عليه تعد نجوم الليل إذا أردت تغازل القمر في السماء إذا شئت وتضرب الرمل والودع إذا كنت من مجاذيب الله الطيبين.

هذه رأس البر إذن محافظة لها مستوظفين وللمستوظفين مصيفين، وللمصيفين عشش وفي العشش عيال وللعيال شوارع فيها مجاري وناس ليس لهم بر لأن البر زفت وطين.

لكن أهم اكتشاف وأخطر اكتشاف هو مدينة دمياط وهم أهلها الدمايطة، وأنا لم أذهب إلى دمياط أبدا، وكانت هذه أول مرة أزور فيها دمياط.

أشهر شيء في دمياط العمل وأشهر شيء عن أهلها البخل، وعن أهل دمياط تحكي نكتة كثيرة.. تشرب كوكاكولا ولا توسخ هدومك، تتعشى ولا تنام خفيف، وتنام هنا ولا تستريح في اللوكاندة.

وكلها نكت قيلت في دمياط وعن دمياط، حكايات وروايات أشهد أنها كلها كاذبة، وكلها ملفقة.. وكلها بنت ستين كلب، فالدمياطي كريم وشهم وأجدع من أي جدع في أي مكان في مصر.

أظن أنها نكت اخترعها السادة أبناء المدن الأخرى لغيظهم الشديد من أهل دمياط.

الدمياطي ناصح صحيح ولكن البخل ليس صفة فيه، والدمياطي ابن أصول ورجل فهلوي وشغال ويحب القرش؛ ولكن ليصرفه من جديد.

والدمياطي كالأوروبي يعلم أن الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك، دمياط كلها تعمل من الصباح حتى غروب الشمس ولذلك ليس في دمياط من بلعب الكوتشينة على المقهى، ولا ولد خايب بقصة يتلطع ويعاكس الستات.

صحيح هو مهذب وخجول لكنه يحب التعامل بالأوراق حتى لا تخونه ذاكرته.

وأخيرا يا رأس البر.. كل شيء فيكي يهون من أجل دمياط والدمايطة.
الجريدة الرسمية