رئيس التحرير
عصام كامل

مبادرة مرسال تحيي شعار «إضاءة شمعة أفضل من لعن الظلام»

فيتو

تزايدت في الأعوام الأخيرة مبادرات إنشاء مستشفيات جديدة ممولة بالكامل من التبرعات الأهلية. في مصر لفتت مؤسسة مرسال الأنظار بعدما تحولت بفضل "الشباب وفيس بوك" إلى مركز كبير يقصده أناس ضاقت بهم الدنيا بسبب إصابتهم بأورام.


اكتشفت أم أحمد ذات الخمسين عاما مرضها بالسرطان، فحاولت العلاج عبر المستشفيات الحكومية وحتى الأهلية الممولة بالتبرعات، لكنها لم تستطع بسبب حالتها المتأخرة، كما أنه ليس لديها تأمين صحي.


وبعد رحلة شاقة من البحث عن العلاج، تجلس حاليا أم أحمد على كرسي في مؤسسة مرسال بحي المعادي منتظرة دورها في الحصول على جلسة العلاج الكيميائي مجانا، بعيدا عن قائمة الانتظار الطويلة وصخب المستشفيات الحكومية.


تختلف مؤسسة مرسال عن الجمعيات التي تقدم نفس الخدمة في أنها تعالج جميع المحتاجين لخدمة العلاج المجاني من جميع الجنسيات وبدون أي تفرقة، وساهمت حتى الآن في علاج مرضى من خمس عشرة جنسية مختلفة، حسب مؤسستها هبة راشد لـDW، فالجمعية لا ترفض علاج أي مريض مهما كانت حالته خطيرة أو لمعاناته من مرض مزمن أو إذا كانت الحالة متأخرة.


تخرجت هبة راشد في كلية الألسن جامعة عين شمس عام 2002، وحصلت على الماجستير و3 شهادات في مجال إدارة المشروعات، وعملت ثلاثة عشر عاما في إدارة المشروعات في شركات كبرى منها متعددة الجنسيات، ثم دخلت عالم التطوع مبكرا في أكثر من جهة خيرية وتقول "عملت في مجال الأيتام والمسنين وشنط رمضان لكنني وجدت نفسي مهتمة بفئة المرضى لأن العمل الخيري لا يركز كثيرا على هذا المجال لصعوبته وتكلفته الكبيرة".


بداية متعثرة وصعود سريع
"بدأنا في تقديم الوثائق نهاية 2014 وحصلنا على التصاريح في مارس 2015، المشكلة كانت في تعطيل الأوراق الحكومية نظرا للظروف السياسية في البلد، حيث كانت فكرة فتح مؤسسة خيرية بعد 30 يونيو 2013 مع الاحتياطات الأمنية الكثيرة الموجودة على تأسيس أي جمعية خيرية كان صعبا، وكان هناك توجس عند موظفي الحكومة وتساؤلات حول من هؤلاء ومن أين يأتي تمويلهم، فالموضوع كان معقدا ولا تزال هناك عقبات في الميزانية والتبرعات حتى اليوم".


وأصدرت مصر مؤخرا قانونا جديدا ينظم عمل الجمعيات الأهلية في مصر، يقول معارضوه إنه "يقضي على أي عمل خيري أو حقوقي في مصر"، بينما يقول المؤيدون إنه يهدف إلى مراقبة التمويلات للجمعيات الأهلية خاصة الأجنبية.


سوء إدارة التبرعات
لا تعتقد هبة أن هناك أزمة في التبرعات.. "الأزمة في سوء إدارة التبرعات.. حسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هناك تبرعات بأكثر من 4 مليار جنيه سنويا، "من لديه شركة رأسمالها مليون جنيه يأتي بمدير محترف".


تدير هبة فريقا يبلغ 70 شخصا من الموظفين، حيث الاعتماد على المتطوعين أقل بكثير من مثيلاتها من الجمعيات التطوعية حتى يكون العمل باحتراف، مستغلة خبرتها في إدارة المشروعات لتنقله إلى المجال التطوعي والخيري وتقدم "نموذجا إيجابيا مختلفا"، فعلى سبيل المثال أدخلت النظام الإلكتروني في استقبال المرضى بدلا من حضورها شخصيا.. فالحالات يتم استقبالها إلكترونيا أو عبر الهاتف وتدخل أوتوماتيكيا على النظام الإلكتروني، ثم تدخل مرحلة البحث الاجتماعي لتحديد مدى احتياجه.


مصادر مبتكرة للدعم
تحاول هبة راشد تنويع مصادر التبرع بشكل مبتكر، ففي الطابق العلوي للمبنى الإداري في مقر المؤسسة بحي المعادي بالقاهرة، توجد قاعة محاضرات مجهزة يتم تأجيرها وتذهب هذه الأموال لصالح المؤسسة، وهناك أيضا مكان يتسع لتنظيم حفلات لـ 80 شخصا وتذهب أموال تأجير المكان أيضا لصالح المؤسسة.


تقول هبة: "هناك شركات مطاعم اتفقنا معها على أن تدخل للمؤسسة نسبة من مبيعاتهم مقابل الدعاية، فضلا عن مزايدات على أشياء قيمة يتبرع بها أفراد بالاتفاق معهم، كما أننا نبيع بعض المنتجات لصالح المرضى.. لم نضع يدنا على وجوهنا ننتظر التبرعات".


المصريون يتكاتفون
وتعزو هبة تزايد المبادرات في مصر إلى الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار وانكماش الطبقة الوسطى في مصر "من كان مرتبه ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه منذ عدة سنوات من أصحاب الأجور المرتفعة أما الآن إذا مرض فرد من أسرته مرضا شديدا فقد لا يستطيع علاجه.. فما بالك بالطبقة الفقيرة، هؤلاء يموتون جوعا للأسف".


ورغم الوضع الاقتصادي السيئ تقول هبة إن التبرعات للمؤسسة تتزايد خاصة من فئة الشباب ما بين 20 إلى 40 عاما الذين يتبرعون شهريا بجزء من مرتباتهم.


لا تعتمد هبة على عمل دعاية متلفزة، بل على الشباب النشط على فيس بوك حيث يبلغ عدد المتابعين لصفحة المؤسسة وصفحة هبة راشد نحو 100 ألف متابع.


وتقول نورا سمير إحدى المتابعات لأنشطة المؤسسة "أي شيء قيم عندك ولا تستعمله يدار عليه مزاد لصالح مستشفى مرسال للأطفال، ساعة، موبايل قديم، أي شيء قيمة ومركون ممكن تبقي سبب في علاج طفل.. دوروا في ادراجكم هتلاقوا حاجات كتير هتنفع، حتى لو عقد بيع جزيرتين".


ويشيد أحمد الجمل بتجربة هبة راشد بتدوينة على فيس بوك"هبة راشد المعني الحقيقي لست بـ 10000 راجل، واحدة ضحت بمستقبلها المهني علشان تأسس حلمها.. مرسال وبعد سنتين الحمد لله بفضل ربنا ومجهودها تفتتح فرع في المعادي ومركز مرسال للأورام".


هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية