رئيس التحرير
عصام كامل

الناس محروقة!!


قد يكون القرار حتميا وسليما من الناحية النظرية، أما نتائجه فتكاد تكون كارثية.. توقيت القرار.. طريقة صدور القرار.. مبررات اتخاذ القرار.. تسويق القرار..الشفافية في اتخاذ القرار، ثم أخيرا مواجهة الآثار السلبية لتطبيق القرار وإدارة الأزمة.

أزعم أن أيا من كل ما سبق لم تتدارسه الحكومة عندما اتخذت قرار رفع أسعار المحروقات، فلا حكومة إسماعيل شريف لديها أفق إخراجي جيد، ولا لديها وزير واحد ضبط متلبسا بممارسة العمل السياسي، ولا رئيس الحكومة نفسه يعرف ماذا يدور في الشارع..ربما يكون الرجل قد شاهد الشارع آخر مرة بالفيديو، وربما قرأ تفاصيل في تقرير مريض بدون لحم ودم، وربما يكون أحد مستشاريه قد أوحى له بما هو مغاير لحركة الجماهير.

تبعات اتخاذ القرار في الدقائق الأولى هي نوع من السخرية إلى حد السفه في "التريقة" ثم تعليقات تؤكد أن الناس ماعادت تثق في النظام كله، ثم "مر الشكوى" من انفراد السماسرة والتجار ومعدومى الضمير بالناس البسطاء في الشارع.. ليس ذلك فقط وإنما إحساس بالمرارة، لأن الرئيس حدد لهم أكثر من موعد لاستعادة الاستقرار الاقتصادى واستفادة محدودي الدخل من قراراته دون جدوى.

والسؤال: هل كان قرار التعويم كارثيا على مصر أم إنقاذ لها في الوقت المناسب؟
..الإجابة: القرار سليم غير أن توقيته لاعلاقة له بدراسة الوضع الاقتصادى من قريب أو بعيد..أيضا الإجراءات التي كان يجب على النظام أن يتخذها سابقا للقرار لم ينظر إليها بعين الاعتبار.. باختصار قرار صدر في غير موعده، ودون استعداد حقيقي لمواجهة آثاره.

 والسؤال الثانى: هل رفع أسعار المحروقات قرار خاطئ؟..
 الاجابة: القرار سليم غير أن اتخاذه دون تدابير حكومية لمواجهة آثاره على محدودي الدخل يجعله قرارا كارثيا وغير موفق.

القصة أن حكومة شريف إسماعيل تنتظر التعليمات من الرئيس، ولا تقوم بما يجب أن تقوم به من تحركات ضرورية، لذا فإنها تفاجأ بصدور القرارات، لدرجة أن وزير البترول أدلى بتصريحات للأهرام نشرت صباح اليوم قال فيها إنه لم يتحدد موعد لرفع أسعار البنزين بعد، فيما يعنى أن الوزير صاحب الشأن مثلنا مواطن لايعرف أن القرار تم تطبيقه فعلا.

مصر بحاجة إلى شفافية ووضوح، وهي أيضا بحاجة إلى حكومة تعرف أن التقشف أصبح ضرورة، وحكومة تعرف متى تصدر القرار، ومتى تتحرك دون انتظار لتعليمات الرئيس!!

الجريدة الرسمية