فاروق الباز.. العالم الأمريكي الكبير!
في أسرة سنبلاوية بسيطة نشأ العالم المصري الجليل الدكتور فاروق الباز، وتعلم في مدارس مصر الحكومية، وتخرج في جامعة عين شمس الحكومية، ثم حصل على الماجستير من معهد المناجم وعلم الفلزات بميسوري، كما حصل على عضوية جمعية سيجما كاي عام ١٩٦٤م، وتخصص في الجيولوجيا الاقتصادية، ودرس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، واستكشف الكثير من جيولوجيا الأرض، وأصبح رقمًا علميًا مهمًا على مستوى العالم.
ورغم أن العالم المصرى الكبير شغل مناصب مهمة في جامعات عالمية، فإنه لم يقدم يومًا لمصر بلاده التي تعلم في جامعاتها ومدارسها أي قيمة تستفيد منها الأجيال مثل غيره من علماء مصر، الذين ينكرون فضلها عقب التحاقهم بركب العلم في بلاد العلم.
كان الدكتور زويل صاحب نوبل رغم قدراته العلمية واحدًا أيضًا من علماء مصر الذين لم يقدموا لبلادهم ما يشير إلى إحساسهم بالفضل لبلادهم، شأنهم شأن علماء كثيرين من دول كثيرة قدموا لبلادهم كل ما من شأنه رفعتها إلا في أواخر أيامه عندما قدم نموذج جامعة زويل.
وبالعودة إلى الدكتور فاروق الباز فإن سيادته لا يزال ينعم بخيرات بلاده، دون أن يقدم لها أي شيء سوى استقبالات كبرى له، واحتفاء بقدراته، حيث تتسابق الصحف المصرية والفضائيات على تقديمه كنموذج علمي عالمي مؤثر، دون أن يسأل أي منا ماذا قدم هذا الرجل لبلاده؟
الحقيقة أن هذه الآفة صاحبت علماء مصريين كثيرين، لا نعرف حتى الآن لماذا يبخلون بعلومهم على بلادهم، رغم أن هناك دولًا كثيرة قامت على جهود أبنائها النابغين بالخارج، يُستثنى من ذلك النموذج الذي قدمه العلامة المصري الدكتور مجدي يعقوب، وهو نموذج متأخر جدا، غير أن وجوده أفضل من ممارسة هذا البخل غير المبرر.
إطلالات الدكتور فاروق الباز على مصر هي في الأساس إطلالات ضيوف غير مقيمين، فلم نشهد له عملًا علميًا على أرض مصر، ولم نر منه “أمارة” تعترف بفضل بلاده عليه، وهو الذي تعلم بالمجان على نفقة الدولة المصرية، التي تستحق منه أكثر من إطلالات الضيوف التي يقول لنا من خلالها دائما إنه يملك الكثير من أسرار العلم ومعجزاته التي يحتفظ بها لوطنه الثاني الولايات المتحدة الأمريكية.
كثيرون من علماء مصر الذين بقوا فيها قدموا نماذج إنسانية وعلمية شهد بها الجميع، وغيرت مجرى الحياة بمناطق كانت دوما بحاجة إلى أيادي علماء مصر لكي تنهض وترتفع، وتواجه الجهل والفقر والمرض، والأمثلة أكثر من أن تحصى.. هؤلاء النبلاء ليسوا مثل الباز.. هؤلاء فضلوا أن تستفيد بلادهم من علوم وهبها الله لهم، واستطاعوا أن يبنوا صروحا علمية لا تزال تنبض بما لا يعيه ولا يفهمه أمثال الدكتور العالم الكبير فاروق الباز.