رئيس التحرير
عصام كامل

كشف حساب سبع سنوات من عمر الوطن !!


في البداية قد يتبادر سؤال لذهن القارئ وهو عن أي سنوات سوف نتحدث؟ وما هو كشف الحساب الذي نريد أن نقدمه؟ لذلك نود أن نوضح منذ البداية أننا نقصد السبع سنوات الأخيرة من عمر الوطن والتي تبدأ من منتصف عام 2010 وحتى منتصف العام 2017 وهى الفترة التي أعتبرها الأسوأ في تاريخ مصر، حيث شهدت أحداثا دراماتيكية غريبة وعجيبة.


وفيما يتعلق بكشف الحساب فهو ذلك الكشف المتعلق بما حصده المواطن المصري من مكاسب نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها أنظمة الحكم المتعاقبة والمتعددة خلال هذه السنوات القليلة، ويجب الإشارة إلى أن طرحنا سيركز في كشف الحساب على النتائج النهائية التي أفضت إليها المقدمات، ولن نقف عند التفاصيل إلا بالقدر الذي يكشف لنا عن حقيقة ما وصلت إليه أحوال المواطنين عامة والفقراء والكادحين منهم على وجه الخصوص.

فمع منتصف العام 2010 كان نظام مبارك قد وصل إلى المحطة الأخيرة التي تتطلب تغييرا للرئيس العجوز المتهالك الذي بلغ من العمر عتيا وشاخ فوق مقعده وقد أوصل الوطن لحالة سيئة على المستوى الاقتصادى والاجتماعى فالغالبية العظمى من المواطنين كانت تعانى بشكل أو بآخر لدرجة سجلت التقارير الدولية أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر قد وصلت إلى 41% في الوقت الذي ظل فيه الرجل ينفذ روشتة وتعليمات وأوامر صندوق النقد الدولى بحجة الإصلاح الاقتصادى الذي لم يشعر المواطن خاصة الفقير إلا بنيرانه ولم يحصد من ورائه إلا مزيدا من الفقر والمعاناة، لذلك ازدادت وبشكل ملحوظ الإضرابات الفئوية التي تطالب الرئيس الكهل بتحسين أحوالهم المتدهورة.

وكان البديل الذي يتم تجهيزه هو الابن المعجزة الذي كان قد ظهر قبل ما يقرب من عشر سنوات على مسرح الأحداث وبدأ يلعب دورا رئيسيا في إدارة شئون البلاد عبر ما عرف بلجنة السياسات التي نشأت بشكل غير شرعي في قلب الحزب الوطنى الحاكم، وبالفعل بدأت الإجراءات بالتجهيز للانتخابات البرلمانية التي عقدت في نهاية العام وأسفرت عن فضيحة مدوية، حيث تم التزوير بشكل فاضح ليتمكن أنصار جمال مبارك من السيطرة على مقاليد الأمور داخل البرلمان، وجاء العام الجديد ببشائر للثورة في تونس سرعان ما انتقلت إلى مصر في 25 يناير، حيث خرجت الجماهير كالطوفان تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وتدخل الجيش الذي لم يكن يرغب قادته في توريث الحكم للابن وتم الاتفاق مع مبارك على التنحى لصالح المجلس العسكري.

وبالفعل بدأت مرحلة جديدة شهدت صراعا دمويا على السلطة وخلال هذه المرحلة الانتقالية فشل المجلس العسكري في تحقيق مطالب المواطنين خاصة الفقراء والكادحين الذين تدهورت أحوالهم المعيشية بشكل أكبر، وأمام الضغوط الداخلية والخارجية اضطر المجلس العسكري للتنازل عن السلطة وتسليمها عبر صناديق الانتخاب إلى مرشح الجماعات الإرهابية، وخلال فترة حكمهم القصيرة ازدادت معاناة المواطنين خاصة الفقراء والكادحين، وهو ما جعلهم يخرجون عليهم بعد عام واحد فقط.

وبالفعل تمت الإطاحة بهم لنعود من جديد للمرحلة الانتقالية، لكن هذه المرة تراجع قادة المجلس العسكري خطوة للخلف ليبرز في المشهد كل بقايا نظام مبارك ومعهم القوى السياسية المدنية بهدف حرقهم وقد كان حيث فشلوا في تحقيق أي إنجاز بل استمرت أحوال المواطنين في التدهور بشكل سريع على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، وهنا كان لابد من عبور المرحلة الانتقالية ومرة أخرى عاد قادة المجلس العسكري للمشهد من جديد، حيث تم ترشيح زير الدفاع لرئاسة الجمهورية، وتم انتخابه بالفعل وكان قبلها قد تم وضع دستورا جديدا للبلاد وبعدها تم انتخاب البرلمان لتنتهى المرحلة الانتقالية ووقف الشعب المصرى بكل أطيافه ينتظر تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية.

وعبر الثلاثة سنوات الأخيرة لم يحدث تغيير يذكر في أحوال المواطنين خاصة الفقراء والكادحين، بل ازدادت معاناتهم أكثر فأكثر وانضم إليهم قطاعات واسعة من أبناء الطبقة الوسطى، حيث تعلن التقارير الدولية أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر قد وصلت إلى 45% ومن يعيشون في حزام الفقر ومهددون بالسقوط تحته في أي وقت وصلت إلى 25%، وهو ما يعنى أن 70% من المصريين يعانون من الفقر بشكل أو بآخر، والسبب الرئيسي يعود إلى الاعتماد على رجال الصف الثانى من نظام مبارك في إدارة شئون البلاد، ومازال يطبق نفس السياسات التابعة لصندوق النقد الدولي التي أفقرت الغالبية العظمى من الشعب المصرى.

وما اتخذ من إجراءات خلال العام الأخير وحده لم يحدث في تاريخ مصر ولم يتمكن أي رئيس سابق من اتخاذها وكانت ضربة قاصمة لظهر الشعب المصري، حيث فقد الجميع نصف مدخراته عبر تعويم الجنيه، وهو ما ترك آثاره المدمرة على الأسعار التي ينكوي بها الفقراء والكادحون، لذلك فكشف الحساب عبر السبع سنوات الأخيرة من عمر الوطن يقول إن أنظمة الحكم المتعاقبة لم تتمكن من تحقيق أي مكسب للغالبية العظمى من شعب مصر من الفقراء والكادحين بل عمقت جراحهم ومعاناتهم وألحقت قطاعات واسعة من المستورين بهم.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية