رئيس التحرير
عصام كامل

أشد أنواع الفساد خطرًا!


لا أنكر على الناس حقهم في الشكوى والجهر بها إذا ما تعرضوا لظلم أوغبن أو انتقاص أو إهمال.. لكن الوجهة الحقيقية ينبغي أن تكون للمسئول المباشر عن الشكاوى سواء في الوزارات أو دواوين المحافظات أو رئاسات المراكز والمدن أو حتى رئاسة الوزراء، وليس لرئاسة الجمهورية أو النائب العام.


ثمة فجوة عميقة بين الحكومة بمرافقها وخدماتها وبين المواطن بهمومه وتطلعاته.. والسبب فيها تجاهل المسئولين لمشكلات الناس وأنينهم الاجتماعي والقفز عليها بل وتحميلهم مسئولية ما يقع لهم هربًا من تحمل المسئولية السياسية وأمانة المنصب صغيرًا أو كبيرًا.

وليس لدى تفسير لهذه الطوابير الطويلة في بعض الجهات إلا أنها ناتج إهمال أو كسل أو فساد موظفين هنا وهناك.. فساد موظفين دأبوا على تعذيب المواطنين وابتزازهم، والتعامل بغلظة وتعالٍ، وليتهم بعد كل هذا التعب والإذلال يحصلون على مرادهم أو يجدون حلولا لمشكلاتهم.. ومن ثم كان طبيعيًا في أجواء كهذه أن تخاصم البسمة وجوه المواطنين، وأن تصبح رئاسة الجمهورية ومكتب النائب العام ملاذًا لكل ذي حق أو مظلمة كبرت أو صغرت، وقد تضاعف هذا الإحساس لدى الجماهير بسبب ما تبديه الرئاسة والنائب العام من اهتمام بالغ، وتعاطف كبير مع مشكلاتهم، وحرص شديد على مكافحة الفساد والمفسدين أينما كانوا، ماداموا يعتدون على حقوق المواطن وأمن المجتمع وسلامه واستقراره.

ولهذا فإن مفهوم الفساد وآثاره ومخاطره أكبر بكثير مما نتصور، فهو ليس مجرد رشوة يتلقاها مسئول أو موظف هنا أو هناك، ولكنه يمتد إلى تراخي المسئول وتقاعسه عن أداء واجبه الوظيفي بأمانة ما دام يتقاضي عنه أجرًا ارتضاه لنفسه، أو غض الطرف عن قصور أداء مرءوسيه وفسادهم.. أما قمة الفساد فهي اختيار أشخاص لمواقع غير جديرين بها، أو إسناد الأمر لغير أهله.. فهذا إضرار للمجتمع بأسره، وهو أشد أنواع الفساد خطرًا.
الجريدة الرسمية