رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط خنق مصر بـ«قانون الجمعيات».. تحركات مشبوهة في الأمم المتحدة لفرض عقوبات على القاهرة.. ومراسلات سرية تطالب «ترامب» باستخدام ورقة المساعدات لوقف «تشريع القصبي»

الأمم المتحدة
الأمم المتحدة

منذ اللحظات الأولى لإقرار قانون الجمعيات الأهلية، بدأ لوبى حقوقى مكون من عدد من الجمعيات الحقوقية المصرية تحركات دولية مشبوهة للضغط على الحكومة في محاولة لإثنائها عن تطبيق القانون، المعروف بـ«قانون القصبي»، والتراجع عن التصديق عليه من خلال خطة محكمة تحاك داخل أروقة الأمم المتحدة ومراسلات سرية للإدارة الأمريكية وعدد من الحكومات الأوروبية للضغط على مصر للتراجع عن القانون الذي تعتبره المفوضية الدولية لحقوق الإنسان شهادة وفاة للعمل الأهلي في مصر، ولا سيما أنه يضع قيودا وعراقيل تحجم نشاط المنظمات الأجنبية والمصرية التي تتلقى تمويلًا خارجيًا يقدر بنحو 40 مليون دولار.


ضربة جديدة
ويأتى على رأس التهديدات التي ربما تواجه مصر خلال الفترة المقبلة إثر إقرار القانون والعمل به، تراجع تصنيف مصر المتعلق بحالة حقوق الإنسان وحرية التعبير من تصنيف «A» إلى ما هو أقل من ذلك، وهو ما يترتب عليه توجيه ضربة جديدة للاستثمار الأجنبى في مصر باعتبارها بلدا غير آمن ولا تحترم حقوق الإنسان.

وكشف مصدر مطلع عن وجود خطة لتطويق القانون وإسقاطه تتمثل في ضغط لوبى مصرى حقوقى له علاقات بالكيانات الدولية، لإصدار بيانات إدانة ضد القانون، وهو ما بدأ فعليًا، بخلاف السعى لدى الحكومات الأوروبية من أجل التلويح بتعليق بعض المعاملات الدبلوماسية والاقتصادية مع الحكومة المصرية، مشيرا إلى أنه رغم أن البيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي مؤخرا جاء معتدلًا، حيث أكد أن علاقته بمصر عميقة ولا يمكن أن تتأثر، لكنه طالب الحكومة المصرية بإعادة النظر مرة أخرى في مواد القانون، حتى لا يؤثر على مساهمة المجتمع المدنى في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشير الشواهد إلى نية الاتحاد الأوروبي التهديد بتقليص حجم المساعدات التي يرسلها إلى مصر جراء هذا القانون، خاصة أن أغلبها يأتى على هيئة منح لبرامج ينفذها المجتمع المدنى تحت إشراف حكومي.

الاستقواء بالخارج
ونوه بأنه ساعد اللوبى المصرى في مساعيه للاستقواء بالخارج عدد من المنظمات الأجنبية غير الحكومية للضغط على دول الاتحاد لاتخاذ عدد من الإجراءات التصعيدية ضد الحكومة المصرية، ولا سيما منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية، وسبع منظمات أوروبية ذائعة الصيت لها دور مؤثر في الضغط على الحكومات.

ولم يكن موقف الاتحاد الأوروبي حيال مصر منفردًا، بل هناك مؤشرات نحو اتجاه أمريكى بربط المساعدات الأمريكية بحالة حقوق الإنسان وعمل المنظمات الأجنبية أو المنظمات المحلية التي تتلقى تمويلًا خارجيًا إذا لم تتراجع الحكومة المصرية عن تطبيق القانون.

من جهته قلل الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، من خطورة قانون الجمعيات الأهلية على العمل الأهلي، مشيرا إلى أن القانون لن يكون أبدًا شهادة وفاة للمجتمع المدنى في مصر، فالقانون لا يختلف في قيوده عن قانون 84 لسنة 2002م، ومن المؤكد أنه قانون سيئ يتناقض مع مواد الدستور يجب الطعن عليه، لكن هذا لا يعنى أن يكتب نهاية المجتمع المدني.

ضغوط أوروبية
وعن الضغط الأوروبي أوضح أنه لا يعتقد أن تغير النداءات الأوروبية الرسمية من الأمر شيئا، وبالتالى فلن تتراجع مصر عن القانون، خاصة أن بيان الاتحاد الأوروبي أكد حرصه على العلاقات المشتركة بينه وبين الدولة المصرية، وبخاصة أن معركة القانون وطنية بامتياز.

وفيما يتعلق بدعوة المنظمات الحقوقية الدولية قال «جاد الكريم»: «إن الثمانى منظمات الدولية التي أدانت قانون الجمعيات الأهلية الجديد، هي منظمات غير حكومية، وبيانها يؤخذ بعين الاعتبار»، مضيفًا أن موقف هذه المنظمات الدولية، يتطابق مع موقف المنظمات المحلية في رفضها للقانون.

وأكد جاد الكريم أنه آن الأوان أن تتحد منظمات المجتمع المدنى بعيدًا عن الخلافات الأيديولوجية والفكرية، وباستخدام آليات قانونية وشعبية لإسقاط القانون من خلال القضاء الدستوري، لافتًا إلى أنهم أمام معركة طويلة ربما لا تؤتى ثمارها سريعًا نتيجة الانقسام داخل البيت الحقوقي.

العمل الأهلي
ومن جانبه قال ناصر أمين، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن هذا القانون يقضى على العمل الأهلي الذي بدأ في مصر منذ القرن التاسع عشر، وله إنجازات وإسهامات فاقت إنجازات الحكومات ذاتها، مثل إنشاء جامعة القاهرة ومبرة محمد على والهلال الأحمر، بل ويضعه تحت سيطرة الحكومة وأجهزة الأمن، بما سيؤدى إلى تعطيل العمل الأهلي من ناحية، وانتشار الفساد في الجهاز الحكومى من ناحية أخرى.

وتابع عضو قومى حقوق الإنسان: «إن القانون على هذا النحو لن ندعه يمر دون الطعن بعدم دستورية مواد بعينها أمام المحكمة الدستورية العليا، التي نثق تمامًا أنها لم تقبل بوجود هذا القانون ومواده على هذا النحو، وبخاصة أنه صدر بالمخالفة لمبادئ استقرت عليها المحكمة الدستورية العليا، وكذلك المحكمة الإدارية العليا، وبالتالى فهو قانون جاء ليتحدى كل المحاكم العليا في مصر، بل جاء مخالفا لكل القواعد والأعراف القانونية المنظمة للعمل الأهلي، وبالتالى أتوقع أنه لم يصمد كثيرًا أمام المحكمة الإدارية العليا».

هذا جنون
وأكد أمين، أن القانون أخل بمبدأ دستورى وهو إنشاء الجمعيات بالإخطار، وبالتالى فهو انتهك حرية الأفراد في تكوين الجمعيات، مشددًا على أن هذا الأمر غير مسموح به من أي حكومة من الحكومات، فضلا عن أنه يتدخل في طبيعة الأنشطة التي يمكن أن تمارسها الجمعيات عندما تحدث عن ضرورة أن تمارس المنظمات الأنشطة في خطة تضعها الحكومة، قائلا: «هذا جنون».

"نقلا عن العدد الورقي".
الجريدة الرسمية