"إخوانى" متحرش ما يستحى
تربينا منذ نعومة أظفارنا على أن "الأدب فضلوه عن العلم"، حتى لو جاء في فضل العلم "أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإنما يخشى الله من عباده العلماء"، كما قال مالك بن أنس: كانت أمي تعممني قائلة "اذهب إلى ربيعة، فتعلم من أدبه قبل علمه".
كما تربينا أيضا على أن "الحياء قرين الإيمان"، وقد روى البخارى عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئت)، وأن (الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان).. [متفق عليه].
أردت أن تكون الاستهلالة دينية، تدليلا على أن الإخوان يستخدمون القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، غطاءً وستارًا، تنطق به ألسنتهم تأثيرا على الناس، ثم يفعلون غير ما يقولون. وها هو وزير الإعلام الإخواني يقتفي خطى قياداته ومرشده، وعملا ببيت الشعر الشهير: إذا كـــان ربُ البيتِ بالدفِ ضاربٌ فشيمـةٌ أهلِ البيتِ الرقصُ... لكنه لم يكتف بالكذب، بل راح يرقص تحرشا من دون حياء أو أدب، وهو الذي يفترض به أن يشكل وعي الشعب المصري.
بدأ الوزير الذي جعلنا "أضحوكة العالم" مسلسل التحرش بالمذيعة السورية زينة يازجي حين استضافته في برنامج "الشارع العربي"، ربما أراد أن يمزح معها أو يغازلها، لكن أيا كان القصد، لا يجوز لمسئول حكومي يمثل دولة عريقة أن يوجه العبارة التي قالها لمقدمة البرنامج على الهواء مباشرة. ولولا تدخل إدارة تلفزيون "دبي" لدى زينة لقام زوجها الفنان عابد فهد بتلقين الوزير "المغازلجي"، درسًا لن ينساه في حياته.
أمن الوزير الإخواني العقاب فأساء الأدب مجددا، وهذه المرة مع إعلامية مصرية، وجدته "يكذب" بشأن حرية الصحافة، فاستفسرت بمنتهى الأدب والمهنية، علها تجد لديه ردا مقنعا، لكنه عاجلها بسخرية تنطوي على تحرش لفظي، وايحاءات بذيئة المعنى.
كان حري بوزير الإعلام أن يتبنى حملة قومية، لمواجهة ومكافحة التحرش الجنسي الذي تفشى في عهدهم المشئوم، لكنه تقاعس عن مواجهة خطر يهدد حرائر مصر، وتفرغ للإشراف على "أخونة" الإعلام الرسمي، والطامة الكبرى أنه تعمد "التحرش" بالنساء على الهواء مباشرة، وفي المقابل بادر الفنانين خالد النبوي وناهد السباعي بتنفيذ "فلاشات" توعوية جميلة لمكافحة "التحرش الجنسي"، بوازع من ضمير حي ومحبة صادقة لمصر والشعب.
لم يمر تحرش الوزير الإخواني هذه المرة مرور الكرام، وأمام الصمت الحكومي المعتاد، كان الغضب الشعبي والإعلامي غير مسبوق، لكن نقتطف هنا لمحات من استنكار منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية، حيث أصدر المكتب الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، بيانًا قاسيًا بحق الوزير وأن عليه "أن يتعلم ويدرك مفهوم الحرية المكفولة بالقانون ومفهوم الحرية الفردية". واعتبر البيان "أن ما صدر من وزير الإعلام انحطاط أخلاقى من الجماعة الحاكمة من الإخوان فى ممارسة الاستعلاء وأن الوزير يهدم كل القيم الأخلاقية" .
ودعا رئيس المكتب الدولي لحقوق الإنسان، إلى الاعتذار الرسمى، وإلا سيتخذ الإجراءات القانونية ضده ويتقدم بشكوى إلى لجنة الحرية والإعلام فى الأمم المتحدة ولجنة المرأة الخاصة بالعنف ضدها والتحرش بها .
كما طالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، رئيس الوزراء هشام قنديل، بالاعتذار عن تصرف وزير الاعلام وإقالته فورًا، لأن ردود الوزير على الصحفية إن لم تكن تحمل إيحاءات بتحرش جنسي، فهي على أقل تقدير تفتقر أدنى مقومات الفهم والمهنية التي ينبغى على وزير الإعلام أن يتمتع بها، لا سيما في ظل الهجوم الحاد الذي تمارسه الحكومة ضد وسائل الإعلام الخاصة".
وأخيرًا نذكر وزير التحرش الجنسي بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق مابقيت ... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.