الإنسان المصري.. حطم المستحيل وقهر الأعداء!
لا أستطيع أن أنسى ذكرى نكسة 5 من يونيو 1967، على الرغم من انتصار "العاشر من رمضان. السادس من أكتوبر" إلا أنني أشعر بالألم والضيق كلما تذكرت هذه الكارثة، التي أدمت الوعي المصري والعربي، وأسقطت الحلم العربي من عقول وقلوب الملايين، على الرغم من هذا إلا أننا لا نراها فقط خسارة دائما، فمن رحم الهزيمة ولد أمل جديد وآمال جديدة من أجل الثأر، فمثلا تحدث الإعلام كثيرا عن معارك شهيرة مثل رأس العش وإيلات المدمرة والميناء الحربي، ولكن هناك بطولات لم يعرفها أحد..
أذكر أثناء أحد اللقاءات مع البطل القبطان نبيل عبد الوهاب، والذي يعرفه الشارع المصري والعربي من فيلم "الطريق إلى إيلات" بالبطل الذي أصر على إعادة جثمان زميله الشهيد فوزي البرقوقي وحمله خمسة عشر كيلو متر سباحة حتى يدفن في مصر، ويحرم العدو الصهيوني من استغلال الحصول على الجثمان إعلاميا والنيل من عملية تدمير المراكب الحربية وميناء إيلات الحربي، قال القبطان نبيل عبد الوهاب:
"حدث بطولات كثيرة لا يعرفها الناس، سأروي قصة توضح مدى الفارق بين المقاتل المصري والجندي الصهيوني، عندما كنت مع البطل فوزى البرقوقي تحت المركب الصهيوني، انتهيت من تركيب اللغم في منتصف المركب، وقام البرقوقي بتركيب اللغم في نهاية المركب الحربي، وجدت البرقوقي ينظر إليَّ وأشار أنه يشعر بمشكلة في التنفس، والمشكلة باختصار أحد حوادث الغطس العادية والمعروفة وهي تسمم الأوكسجين، والتعامل معها سهل جدا، وهو الخروج لسطح المياه، والتنفس من الجو لمدة خمسة دقائق، وإلا فإنه يموت خلال دقيقة، كان اختيار البرقوقي هو الاستشهاد حتى لا يعرض العملية للفشل، وأكمل زراعة اللغم في المركب، واستشهد دون رصاصة واحدة كما صورها فيلم "الطريق إلى إيلات"..
في المقابل في أثناء حرب يونيو 67، قامت ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية للعدو الصهيوني بالتسلل إلى ميناء الإسكندرية، وهو منجم للعدو، فالميناء فيه أهم قطع الأسطول البحري المصري الحربية والمدنية، وهو صيد سهل بالنسبة للضفادع البشرية في ظروف يونيو العصيبة للجيش المصري والارتباك الرهيب الذي ساد قواتنا، على الرغم من هذا كان هناك أبطال لا تنام، شعر أبناء مصر بحركة غير طبيعية في الماء الساكن في ذلك الوقت، وألقوا قنابل استكشافية فقط وليست قاتلة أو مدمرة، ففرت هذه المجموعات فزعا ورعبا بقواربهم، وتتبعها من بعيد عددا من الضفادع المصرية، حتى استقروا خلف قلعة قايتباي، وتم أسر المجموعات الثلاث، وفي ضربة موجعة على الرغم من نتائج يونيو المؤلمة لنا إلا أن الكيان الصهيوني اعتبر أسر ستة ضفادع جملة واحدة ضربة للبحرية الصهيونية، فكانت هذه العملية التي حافظت على البحرية المصرية وأسر ضفادع صهيونية لها أكبر الأثر في تماسك قواتنا استعدادا للجولات التالية وقد كان!
ومن غرائب القدر أن يكون أحد هؤلاء الستة يهودي من أصل مصري وإسكندراني وتم القبض عليه في الورديان، وهنا لا بد أن أذكر أن حالة هذا الجندي لم تكن الوحيدة، فقد تم أسر الكثير من العدو الصهيوني في حرب "العاشر من رمضان- السادس من أكتوبر" صهاينة من أصل مصري، ومنهم أيضا طيارين، وهذا خير رد على أن اليهود خرجوا مجبرين من مصر بل إنهم تربوا في مصر وقلوبهم معلقة بالكيان الصهيوني قبل أن ينشئ بدليل هؤلاء الذين تم أسرهم على مدى الست سنوات حرب مع الكيان الصهيوني ( 1967-1973 ).
الطريق إلى "العاشر من رمضان -السادس من أكتوبر" كان لا بد أن يبدأ من الخامس من يونيو 67، وكان الأبطال الذين لم تتح لهم الفرصة للمواجهة مع الجيش الصهيوني على أحر من الجمر للمواجهة، من هنا كانت معركة رأس العش بعد أيام من نكسة يونيو، ثم تدمير المدمرة إيلات.. ومعركة جزيرة شدوان.. وملحمة الجزيرة الخضراء.. وتدمير ميناء إيلات 3 مرات بما فيه من سفن حربية.. ومعركة جبل مريم.. وتدمير مطار الطور قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير.. والسبت الحزين... ومئات البطولات خلف خطوط العدو، حتى كان "العاشر من رمضان _ السادس من أكتوبر" العظيم!
اكتب لمن يولولون مثل النساء عمال على بطال... يونيو كانت جولة وتجاوزها اﻻنسان المصري.. وحطم المستحيل وقهر الأعداء وعبر القناة في عمل أسطوري حتى الآن تعجز عنه كل جيوش العالم.. وفي ذكرى العاشر من رمضان على الغربان أن تتوقف على النواح.. الدول العريقة تتجاوز وتقف على قدميها.. يا ترى ماذا لو قبلنا شروط العدو مثل اليابان أو األمان؟
اصمتوا يا جهلة... رائحتكم خبيثة.. وتعيش دائما مصر حرة بشعبها.. وجيشها البطل.