حفلات قتل الأقباط
لا تنتظر من الذئب حراسة الغنم وللذئب الأمريكي ذيول من العرب.. يزورهم ويزورونه.. يتعاون معهم ويتعاونون معه.. يفاوضهم ويفاوضونه.. وكل ذلك ليس من أجل القضاء على الإرهاب كما يحاول السيد ترامب أن يصور لسذج المنطقة العربية الذين ملئوا خزائنه في سويعات قليلة معلنين الاستسلام التام لأجندته التي جاء من أجل تنفيذها، حيث حقق لأمريكا في ساعات ما لم يحققه أوباما في سنوات حكمه كلها.
ترامب يعرف جيدا طبيعة الأرض التي يزورها.. يعرف حجم الجبن الساكن فيهم ويدرك يقينا أن أزيز الطائرات سيدفعهم دفعا «لدفع المعلوم».. هو يعرف وهم يعرفون.. هو يعرف أنهم متورطون حتى النخاع في حرق العالم مثله تماما، وهم يعرفون أنه ما جاء ليحميهم وإنما جاء لابتزازهم.. الورقة القطرية تتهاوى.. خريف أصابها في مقتل.. ملامح الرياح التي هبت من الجيرة ربما تكون لحظة النهاية.
وفي كل نهاية نهايات أخرى في الطريق.. أقول وبلادي تدفع ثمن «الاستخراء العربى» المزعج: «يموت أولادنا كل يوم في بيوتهم.. في كنائسهم.. في أديرتهم.. على الطرقات وفي الاحتفالات.. يمعن القاتل الصهيونى فينا قتلا بلا رحمة.. تعمل فينا آلة الحرب الغاشمة.. صانعة الموت بأفكار مفخخة صدروها لنا في الحج والعمرة وأرسلوا بها أطنانا من الدولارات في خزائن الشيوخ الضالين المضلين».
أقول ذلك والموت يحصدنا حصدًا ولم يعد لون الدم يحرك فينا الحزن.. اعتدنا أن نطالع أخبار الفضائيات وهي تعرض على الهواء مباشرة حفلات قتل المسيحيين.. اعتدنا أن ننسى في اليوم التالى أننا فقدنا بالأمس عشرات من أرواح بريئة تذهب سدى تحت عجلات الإهمال و«الاستغفال» و«الاستحمار» و«الاستهبال».. يصور لك البعض أن طائراتنا ستعود ولن يعود بعدها إرهاب يقتل فينا.. وينشر لك البعض أن السيد وزير الداخلية وجه إلى ضرورة الكشف عن المتورطين!
نفس الطريقة القديمة البالية.. نفس السيناريوهات التي تتسلى بكل ما هو يصب في وعاء بقائها واستمرارها.. نفس القصة بتفاصيلها.. فقير يلجأ لحاخام يشكو ضيق بيته فيمنحه خنزيرا يبيت مع الأسرة ليلةً.. يعود الفقير للحاخام فجرا يشكو: «لم نعرف كيف ننام ومعنا خنزير».. يسحب الحاخام خنزيره.. يعود الفقير إلى الحاخام في اليوم التالى ليشكره على اتساع بيته بعد أن غادر الخنزير!
خنازير الحاخام في كل مكان يرسلها للتضييق.. يسحبها فنصبح له شاكرين.. منذ زمن طويل وتمارس علينا نفس أقاصيص الحاخام.. الأمريكان يرسلون خنازيرهم، وكل أملنا أن يسحبوها ولدول عربية كثيرة خنازير في مصر يرسلونها، ليس بعيدا أن تكون خنازير تفجير البطرسية وقتل أبنائنا في طريق الدير أمس من دولة عربية لا تزال ترى في نفسها شيئا وهي لا شيء.
كل ذلك نعرفه ونعرف أيضا أننا لا نعتمد على إستراتيجية أمنية ناجحة.. لا نزال نواجه الإرهاب كهواة.. أثبتت الأيام أننا نقع في ذات الأخطاء.. فحتى الآن لم نرَ ملامح لحقيقة تفجيرات طنطا، وكل من قدمتهم الأجهزة الأمنية مجرد «شو إعلامي».. لا بد وأن ندعم كل أجهزة المعلومات وعلى أجهزة المعلومات أن تتفرغ للوطن وليس للرئيس.. هذا الصراع الذي بات يتحدث عنه المواطن العادى أصبح عبئًا على النظام وعبئًا على العباد، فإن تحمل النظام فمن يضمن له تحمل العباد؟!
لا أظن أن الجماهير لديها القدرة على تفهم الروايات الرسمية، فروايات الأجهزة والوزارات ومؤسسة الرئاسة بحاجة إلى تجديد.. بحاجة إلى إيقاع منطقى ورسالة منطقية.. لأول مرة تتباين رؤى الناس حول عملية عسكرية قامت بها قواتنا الجوية بالعمق الليبي.. التشكيك هنا من الناس.. على صفحات التواصل روايات تستحق القراءة بتأنٍ.. من الصعب أن نستسلم لفكرة الاستماع لأنفسنا فقط.
على أن أصعب ما قيل وأبشع ما ردد أن يخرج علينا رجل أمن ليزف إلينا خبرا مفاده أن المسيحيين يخرجون في رحلات إلى الأديرة دون إخطار الجهات الأمنية.. ألا نخجل من تصور أن يزور الناس أماكن عبادتهم بطريقة تفويج السياح الأجانب.. أليس فيما ردده ضباط كبار احتقار للذات المصرية والمواطنة والحق في الحياة والحق في العباد وقبل هذا وذاك الحق في أن يكون المصري حرا في حركته؟
الناس غضبى في الشوارع والقرى والمدن.. الفشل يحاصر أجهزة الدولة والروايات لا يصدقها حتى من ألفوها.. سفارات العالم تحذر رعاياها.. فيديوهات صهاينة داعش تعلن أنها ستقوم بأعمال إرهابية لم ينقصها إلا أن تحدد الموقع، وبعض أجهزتنا لا تزال ترضع الكذب وتتنفس الزور وترقص على جثة الوطن.. صحوة قبل فوات الأوان.. تحذير قد يزعج المستفيدين من سرد العته واعتباره حقائق.. تحذير الآن أفضل من طوفان غضب لا تنقصه إلا قشة لينسف كل ما حلمنا به من وطن لا يقتل فيه المرء على الهوية ولا يحبس فيه الناس على الهوى!!