رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «مدق الموت» مصيدة أقباط المنيا «تقرير»

فيتو

مع بزوغ فجر اليوم التالي لحادث المنيا الإرهابي، الذي هز مشاعر الأمة العربية بأكملها، قررت الذهاب إلى موقع الحادث، انطلقت في شوارع المدينة متجهًا إلى موقف السيارات، طلبت من أحد السائقين، الذهاب بي إلى دير الأنبا صموئيل، الكائن على الطريق الصحراوي، وبعد مجادلة طويلة، رفض السائق الانطلاق بسيارته قبل أن يتقاضى أجرته بالكامل مرددًا: "محدش ضامن حياته.. تبقى قاعد وتنضرب بالنار جوه العربية".


عند "مدق الموت"، توقفت عجلات السيارة في تمام الساعة الثامنة والنصف وخمس دقائق، نظرت إلى ساعتي، وكنت أقصد من ذلك، أن أصل في نفس موعد حادث الدير، كنت أرغب في التعايش مع ساعات الموت التي شاهدها أقباط المنيا.

من ناحية اليسار، فوجئت بالأتوبيس الذي نقل الأقباط إلى مثواهم الأخير، من اليمين على بعد 15 كيلو متر من الطريق الصحراوي الغربي يقع دير الأنبا صموئيل بالمنيا، ذلك الدير الذي تحيط به الصحراء من جميع جوانبه، على طول الـ 15 كيلو متر، ويوجد مدق رملي، من المستحيل أن تصل إلى الدير إلا من خلاله.

مساحات شاسعة من الصحراء الجرداء التي لا يحيط بها أي نوع من المنازل أو من السكان أو الأهلية، الأنبا صموئيل كأنه منفرد بالصحراء.

فور أن تطأ قدميك، إلى دير منطقة الصحراوية القريبة من الدير، تنعدم شبكات الهواتف النقالة، فتجد نفسك وحيدًا، طيلة ساعة ونصف بدون اتصال، دخلنا الدير لعلنا نجد أي نوع من التواصل؛ ولكن الشبكات داخل الدير أيضًا كخارجه، والحقيقة التي تستكشفها فور أن تقرر الذهاب إلى الدير، أنك ستكون منعزلا عن الاتصال بالحياة؛ لذلك كان من الصعب اتصال الكهنة وأهالي الدير بالنجدة؛ ولذلك تم نقل الجثث بواسطة الأهالي.

25 كيلو متر طريق رملي لا يوجد عليه أعمدة إنارة، مساحته تبلغ 15 متر عرض، في بداية المدق تشعر بروحانيات الدير رغم أنك لم تره؛ ولكن أقدامك تقودك إلى هناك.

لا يستمر الأطفال والكبار في احتفالاتهم داخل الدير كثيرًا، في تمام الساعة الرابعة عصرًا، نظرًا لخطورة المدق الذي يربط بين الدير والطريق الصحراوي لعدة أسباب، أهمها عدم وجود كهرباء ولا مياه أو شبكة اتصالات؛ لذا أطلقوا عليه مدق الموت، وعندما يرحل الجميع يسكن المدق أشباح الموت.

وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا تعود الحياة من جديد عندما يسلكونه العمال والوافدون على الدير.

كان هذا من أسباب تفكير الجماعة الإرهابية في ارتكاب جريمتهم، فجميع السبل متاحة لديهم «صحراء شاسعة»، و«مدقات رملية» يعلمون أدق تفاصيلها.

وكان مجهولون يستقلون ثلاث سيارات دفع رباعي أطلقوا النيران على أتوبيس، يقل عددًا من المواطنين الأقباط أثناء سيره بالطريق الصحراوي الغربي، متوجهًا إلى دير الأنبا صموئيل غرب مدينة العدوة؛ ما أسفر عن استشهاد 29 وإصابة 25 شخصًا آخرين.
الجريدة الرسمية