رئيس التحرير
عصام كامل

فرصة للمراجعة!


لماذا ننسى الغاية الحقيقية من الصيام بحسبانه عبادة روحية وبدنية تستلهم نبل الرسالة ومقاصدها، وتشيع قيم الصبر والإحساس بآلام الفقراء وتحث على العطاء والبذل، وتشيع التكافل الاجتماعي في أبهى صوره.. فما أراد الله تجويعنا إلا لنعرف قيمة ما نرميه من طعام في سلال القمامة فائضًا عن حاجتنا، ونشعر بمرارة الحرمان وآلام المحرومين فنرق لهم ولا نتعالى عليهم أو نستخف بهم أو نضيق بهم ذرعًا.. فإذا شعرنا بهم مددنا إليهم يد العون بغير مَنٍّ ولا أذي..


فنحن مستخلفون فيما تحت أيدينا من أموال فرض الله لها سبلًا للإنفاق ومصارف للزكاة والصدقات، ولو أن كل غني أخرج ما عليه للفقراء ما وجدنا فقيرًا جائعًا ولا عريانا ولا متسولًا في شوارعنا.. لكن كثيرًا من الأغنياء تمتد أيديهم يمينًا ويسارًا بالبذخ والفشخرة وربما المباهاة في موائد الرحمن التي تحتاج فعلًا إلى دراسة جادة ولو أن ما أنفق عليها ذهب إلى إقامة مدارس ومستشفيات ومشروعات إنتاجية تستوعب العاطلين الفقراء لكفتهم وأغنتهم وقدمت لهم طعامًا وحياة آدمية؛ فرغم أن إطعام الفقراء ولا سيما غير القادرين على الكسب مطلوب ومستحب لكن البذخ مرفوض.. وحاجتنا إلى تنمية الفقراء تعليمًا وصحةً أشد من حاجتنا إلى إهدار الأموال على موائد رمضانية أو تكرار العمرة والحج فالشرع مع مصلحة الناس أينما كانت!

وفي العالم المتقدم يلعب المجتمع الأهلي دورًا تنمويًا رشيدًا يفوق أحيانًا دور الحكومات، فالقطاع الخاص قاطرة التنمية به نهضت الدول وتقدمت الشعوب، وهي فريضة غائبة في مجتمعنا إلى حد بعيد!

رمضان فرصة للمراجعة وتصفية النفوس وتكفير الذنوب.. فهل يكف الموظفون عن تعاطي الرشاوى التي يرونها إكراميات نظير قضاء مصالح المواطنين.. هل يرحم كبارنا صغارنا وأغنياؤنا فقراءنا.. هل نصل الأرحام المقطوعة، ونتجاوز عن الإساءات، ونصفح عن المتجاوزين في حقنا هل يتراجع التجار عن جشعهم.. هل نخفف آلام المنكوبين.. هل يفي كل مسئول أو نائب بالبرلمان بما عاهد عليه المواطن والوطن.. هل يشعرون بمعاناة الناس ويعملون على حل مشكلاتهم..

هل يؤدي رجال الأعمال والأغنياء دورهم الاجتماعي تجاه مجتمعهم والفقراء.. هل يخرجون الزكاة التي فرضها الله عليهم في أموالهم أم يبخلون ويستكبرون وينسون حق الله والناس والوطن.. باختصار هل يمكننا أن نغير أنفسنا إلى الأحسن في رمضان مستلهمين روح الصيام وتعاليم الدين.. هل نودع الكسل والنهم والخمول والتواكل وتعطيل مصالح العباد.. هل نكتسب طاقة روحية وبدنية تضعنا على الطريق الصحيح؟!
الجريدة الرسمية