ادعموا فنكوش طارق شوقى
أدهشني أن أرى شبابا يرتدون فانلات بيضاء، وقد كتب عليها “ادعم طارق شوقى”، وللأمانة ظننت أن طارق هذا هو ممثل مصر في أحد برامج التلانت شو، وأنه مطلوب منا أن نشن حملة على موقع هذا البرنامج، ليحصل على أعلى الأصوات، فتكون الجائزة من نصيبنا، إلى أن عرفت أن المقصود بطارق شوقى هو نفسه الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، فلم أفهم كيف أدعمه رغم أن رغبة بداخلى أن أفعل ذلك دون أن يكون الهدف هو شراء تي شيرت أبيض والسير في الشارع كالأهطل، وقد كتبت على صدرى “ادعم طارق شوقى”...
المهم أنني علمت من رفاق أن الحملة المقصودة يقودها الوزير بنفسه على غرار مرشحى مجلس النواب، غير أن حدود علمي توقفت عند هذا الحد، ولا أدرى حتى تاريخه من الذي اشترى هذه الملابس وعلي حساب من؟! مع يقيني أنها لا يمكن أبدا أن تكون على نفقة وزارة التربية والتعليم، إذ لو صح هذا الظن الخبيث فإن هذا يعنى أن أموال الشعب تذهب سدى، أما إن كانت على حساب أصحاب المدارس الخاصة أصدقاء الوزير فإن “البلوى ستكون مسيحة”، ولا أظن أن الدكتور طارق بما عرف عنه من نزاهة وأمانة وشرف وعدل لا يمكن أن يورط نفسه ليحصل على الدعم من أصحاب المدارس الخاصة، الذين يشهدون الآن أعظم فترات تاريخهم في عهده الميمون!!
وبطبيعة الحال تكون حالة الدعم بـ”التي شيرتى” مطلوبة إذا ما كان الوزير يواجه موقفا حادا من أصحاب المصالح ضد أفكاره الجهنمية التي ستقلب حال التعليم في البلاد، أو أن سيادته يخوض حربا ضروسا ضد حكومة لم تستوعب حتى الآن نظرياته في إصلاح أحوال التعليم أو أن حضرة الوزير يواجه موقفا صعبا من المجتمع الذي يرفض منهجه الإصلاحي الفلسفي التنويري.
الدكتور كمال مغيث، أستاذ البحوث التربوية بوزارة طارق شوقي، قال إن الوزير لا يملك مشروعا لتطوير التعليم، وأن ما يقوله بين الحين والآخر ليس إلا تصريحات صحفية لزوم “الهرى”، ويقال في اللغة هرى ثوبه أي أبلاه.. ولا نظن أن الدكتور طارق شوقى قد هرى تصريحاته غير أن ما قاله الدكتور كمال مغيث أقرب إلى الواقع، فالذي يسعى للحصول على الدعم دون أن ندري ما هي طبيعة هذا الدعم ليس بعيدا أن يهرى ثوبه وثوب التعليم في مصر.
وتاريخ الدكتور طارق شوقي لا يقول بعبقرية مدهشة، ولا ينبئ بحصاد جيد فاهم، مشروعات الرجل كانت فنكوشا أسماه “بنك المعرفة”، وهو البنك الذي يكلف الوطن ما يزيد على المليار جنيه دون حصاد أو زرع أو نبات أو ثمرة فقد أطلق الرجل حملة جرت من خلفها مؤسسات حكومية ودفع ثمنها الشعب دون جدوى، عندما أقنع الخاصة أن مصر بحاجة إلى بنك للمعرفة وساعتها ستكون “الآشية معدن”، وسننافس اليابان وصغريات دول أوروبا فيما وصلوا إليه.
تقول الحقائق إن الدكتور طارق شوقي عندما ذهب إلى مجلس الوزراء وعرض مشروعه “الخزعبلى”، والمسمي مجازا بنك المعرفة، وهو القائم على فكرة الاشتراك عبر الإنترنت في مكتبات العالم المتقدم، وبالتالى يصبح العلم بين أطراف أصابع الجامعات والوزارات والهيئات والتعلب فات فات.. أقرت كل الوزارات أنها تشترك في كبريات دور النشر العالمية كل فيما يخصه، وبالتالى فإن مشروع طارق ليس إلا فنكوشا....
فاجأهم طارق بقوله: إنه وقع باسم مصر، وأن الكلفة السنوية ستكون ٦٠ مليون دولار بالتمام والكمال! أسقط في يد الجميع وسأله سائل من الوزراء: إذا كنت قد وقعت فلماذا جئت إلى هنا لتعرض مشروعك الوهمى؟ قال: جئت لإعلامكم بالأمر ولتوفروا الاعتمادات المالية.. صمت الجميع ومن هذا التاريخ ومصر تدفع سنويا ٦٠ مليون دولار ثمنا لتوقيع طارق الذي لم يكن وزيرا في ذلك الوقت.
الواقعة تشير إلى أننا أقرب إلى تصديق الدكتور كمال مغيث، أستاذ البحوث التربوية، الذي قال إن طارق لا يملك مشروعا لتطوير التعليم، لذا فإننى أدعو العامة والخاصة لدعم الدكتور طارق شوقى للحصول على نوبل، أو ليصبح أفضل لاعب كرة في مصر، أو ليكون الأديب الأول والكاتب الأوحد والمفكر الأعظم، أما حكاية دعمه في التعليم فلست على استعداد أن أدعم مشروعا وهميا يتورط فيه أبنائى!