القاهرة تكسب معركة المساعدات العسكرية الأمريكية.. بعد فشل مساعى «الإخوان» لإقناع الكونجرس بمنعها..مساعد مدير المخابرات الحربية السابق: واشنطن تلعب لتحقيق مصالحها
>> مصادر: إدارة «ترامب» تدرك حجم مصر السياسي والعسكري في المنطقة
>> اللواء ناجى شهود: مصادر تنوع السلاح مع الدول القوية.. ونجاح الحرب على الإرهاب سبب عودة المعونة
«المصالح.. العنوان الأبرز في ملفات علاقات الدول، خاصة الكبرى منها، فإذا كانت السياسة دائما التغير والتقلب، فإن المصالح تبقى هي الثابتة، وتعمل إدارات الدول على تأكيدها وتقويتها في الوقت ذاته، ورغم أن الفعل السياسي من الممكن أن يؤدى في بعض الأحيان إلى انقطاع العلاقات بين الدول الحليفة، إلا أنه مع أول بارقة أمل لعودة العلاقات، تطل المصالح برأسها، وتبدأ لغة التفاهمات في إيجاد طريقها لطاولة الحوار».
الفقرة السابقة، يمكن القول إنها تفسر جزءا كبيرا من العلاقات المصرية الأمريكية، التي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية مراحل «شد وجذب» عدة، انتهت برحيل الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، من البيت الأبيض، لتبدأ مرحلة أكثر هدوءا وتفاهما بدخول دونالد ترامب المكتب البيضاوى.
العلاقات السياسية، لم تكن الأمر الوحيد الذي يربط بين القاهرة وواشنطن، فـ«العسكرية» كان لها هي الأخرى مكان، وبالنظر إلى العلاقات المصرية الأمريكية العسكرية نجد أنها ممتدة منذ سنوات طويلة، بدأت مع زيارة رئيس أركان الجيش المصرى إلى القواعد العسكرية والمصانع الأمريكية في أبريل 1947 وفى نفس العام طلبت مصر رسميًا بعثة عسكرية أمريكية لتدريب القوات المصرية، غير أن الأسبوع الماضى شهد مطالبات داخل الكونجرس الأمريكى بوقف المساعدات العسكرية، وتزامن مع المطالبات تلك زيارة وفد تابع لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، للولايات المتحدة الأمريكية ولقاء أعضاء في الكونجرس (مطبخ السياسة الأمريكية)، لكن مصر انتصرت في النهاية، حيث أقر الكونجرس هذه المساعدات، فما الذي جرى في الكواليس؟!
بحسب مصادر دبلوماسية فإن مصر وقواتها المسلحة نجحت في فرض نفسها بكل قوة في المنطقة بسبب نجاحها ضد الإرهاب المنتشر في كل دول العالم وقيامها بتنويع مصادر السلاح وتعزيز العلاقات مع دول كبيرة وعلى رأسها روسيا وفرنسا وألمانيا في المجال العسكري، والدخول في مناورات عسكرية مع دول حلف الناتو، وكل تلك الأمور جعلت الإدارة الأمريكية تدرك أن مصالحها في منطقة الشرق الأوسط لن تتم في غياب القاهرة التي استطاعت أن تكون رمانة الميزان في المنطقة، وكان ذلك سببا في قيام الإدارة الأمريكية باعتماد المساعدات المصرية كاملة وإعادتها من جديد بعد توقف دام 4 أعوام، إلى جانب عودة التدريبات المشتركة بين الجانبين.
وأكدت المصادر، أن إدارة «ترامب» تعرضت لضغط كبير من قبل الداعمين للجماعات الإرهابية، وعلى رأسهم جماعة الإخوان في محاولة لتخفيض تلك المعونة وتقليلها بنسب من 15 إلى 25%، وحاولت بعض المواقع الداعمة للإخوان، دعم تلك التحركات وقدم بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى طلبات بتقليل تلك المعونة أو تعطيلها في الوقت الحالى، إلا أن التحركات الأخيرة للدولة المصرية كانت قوية، حيث كان لزيارة الرئيس السيسي مردود قوى في التعامل مع هذا الأمر، إلى جانب زيارة وزير الدفاع الأمريكى للقاهرة التي كانت تأكيدا على عمق العلاقات بين الدولتين، وخلال اللقاءات كان التأكيد الدائم على دعم مصر في مواجهة الإرهاب، وأنه لا مساس بالجزء العسكري في المعونة الأمريكية.
وكشفت المصادر ذاتها، أنه لم تكن هناك نية سليمة في صرف تلك المساعدات بصورة كاملة، حيث إن الكونجرس اشترط خصم 15% من قيمة المبلغ المخصص وهو مليار و300 مليون دولار للمعونة في حال عدم اتخاذ خطوات ذات فاعلية تجاه الحريات وحقوق الإنسان، مؤكدة أن أمريكا فعلت كل ذلك من أجل مصالحها الخاصة، ورؤيتها بضرورة تحسين العلاقات مع مصر والتعامل معها كونها الحليف الأقوى لها في المنطقة.
من جهته رأى اللواء أركان حرب ناجى شهود، مساعد مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع السابق، والمستشار بأكاديمية ناصر العسكري العليا أن الإدارة الأمريكية الحالية وزنت مصالحها مع مصر في الوقت الحالى، ورأت ضرورة تجنب التعامل مع الجماعة الإرهابية في الوقت الحالى نظرا لفشلها في تنفيذ مخطط تقسيم مصر لدويلات.
مساعد مدير المخابرات الحربية السابق، تابع حديثه قائلا: الولايات المتحدة الأمريكية رأت أن الإدارة المصرية تفرض نفسها نظرا لنجاحها في محاربة الإرهاب لأن تصبح رمانة الميزان حتى لو استلزم الأمر لها بالاختلاف مع دول أخرى؛ لأن القاهرة أصبحت في الوقت الحالى دولة قوية إلى جانب أن الدولة المصرية ناجحة في سياسة تنويع مصادرها العسكرية في الحصول على الأسلحة المختلفة من خلال التعاون مع روسيا وألمانيا وفرنسا، ولا يزال الباب مفتوحا أمامنا حتى تعود الهيئة العربية للتصنيع لمجدها وتقوم بالتصنيع لأن مصر لا بد أن تعمل على توفير الغذاء والسلاح بنفسها.
من جهته قال اللواء محمد الشهاوى: كان لا بد من زيادة المعونة المقررة، خاصة أن الإدارة الأمريكية رفعت قيمة ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية بنسبة 10% لأن مصر تواجه الإرهاب وتحاربه بكل قوة، وتعتمد على المعلومات والأجهزة الحديثة والمعدات التي تستخدمها في حربها، وتحتاج إلى معدات مثل الطائرات بدون طيار لمراقبة العناصر الإرهابية إلى جانب أجهزة لمنع التفجير.
اللواء «الشهاوى» واصل حديثه: المساعدات العسكرية الأمريكية مقسمة على 4 أجزاء جزء للبحرية وآخر لمكافحة الإرهاب وجزء لتأمين الحدود والجزء الأخير متعلق بصيانة المعدات، كما سيزداد حجم العلاقات في التواصل المعلوماتى في ظل وجود نظرة الإدارة الثابتة للدولة المصرية الحالية في محاربة الإرهاب، ونجاح الرئيس في التعامل بشجاعة للتصدى لهذه الفئات الضالة، كما أن مصر تتمتع بخبرات عسكرية اكتسبتها من الحروب التي خاضتها.
"نقلا عن العدد الورقي.."