رئيس التحرير
عصام كامل

«الشرق» و«مكملين»


«الشرق» و«مكملين».. القناتان الداعمتان لجماعة الإخوان، امتدت شعبيتهما لتصل إلى ربوع مصر، تلك هي الحقيقة حتى لو كانت صادمة، حقيقة نقرها في مجالسنا الخاصة، وننفيها أمام العامة وأصحاب القرار، نبطن متابعتنا لهما ونظهر عدم اكتراثنا بهما، ندعى أن متابعتهما والاهتمام بما تبثانه يخرجنا من دائرة الوطنية ويدخلنا خندق المتربصين بالنظام، رغم أن ألف باء وطنية ومهنية وموضوعية ومساندة للنظام، تحتم علينا التوقف أمام هاتين القناتين لنعرف أين نقف وإلى أين نمضي، هذا إذا كنا مؤمنين برسالتنا وبالنظام.


أربعة أسئلة هي الأهم لابد من طرحها إذا ما شرعنا في تقديم إعلام هادف.. ماذا نقول؟ ولمن؟ ولماذا؟ وما الميزانية المخصصة لذلك؟ وبصرف النظر عن المواد التي تبثها «الشرق» و«مكملين» التي تعتمد على الفبركة والتربص والانتهازية وعدم المهنية والتطاول والاعتماد على مصادر لا أساس لها، والعزف على وجع المواطنين بسبب ظرف اقتصادي استثنائي تمر به مصر، بصرف النظر عن كل ذلك، إلا أن القائمين على القناتين أجابوا عن الأسئلة الأربعة وحددوا الهدف واصطفت معهما قنوات أخرى تسعى للانتشار مثل «الحوار» و«وطن»، والمتابع الجيد لهذه القنوات يلمس مدى التنسيق بينها، فالقضية الواحدة تناقشها «الشرق» وبعدها بنصف ساعة نجدها في «مكملين» بطرح آخر، ثم تنتقل إلى «الحوار» و«وطن».

هذا اللون من الإلحاح الإعلامي يؤكد أن هذه القنوات تعمل وفق خطة لتصل إلى هدفها وهو إثارة البلبلة في الشارع المصري والتشكيك في كل القرارات التي يتخذها المسئولون وتحريض الناس على النزول إلى الشارع منتهزين فرصة الغلاء وضيق ذات اليد التي جعلت المواطن المصري في حالة عوز دائم.

تلك هي الأدوات التي تعمل بها «الشرق» و«مكملين»، وهذا هو هدفهم وفقًا لخطة معروفة تتضمن الإجابة عن الأسئلة الأربعة.. ماذا نقول؟ ولمن؟ ولماذا؟ وما الميزانية المخصصة لذلك؟ فماذا إذًا عن الإعلام المصري؟ هل طرحنا الأسئلة الأربعة وأجبنا عنها؟

واقع الإعلام المصري يؤكد عكس ذلك، لأنه خرج من كونه منظومة ليدخل حيز العشوائيات و(باستثناء قلة).. أصبحنا أمام فريقين كلاهما متطرف، فريق نصب نفسه وصيًا على الشعب وأصبح يتحدث باسمه وباسم الحكومة وأحيانا باسم الرئيس، وهؤلاء يوقعهم انفعالهم الدائم في أخطاء يتصيدها الآخرون، ليس هذا فقط، بل إن عشوائيتهم امتدت إلى اختراع إجابات لأسئلة تتنافى مع الواقع ورسموا بخيالهم صورة لا يراها سواهم، يهاجمون بغير وعي، معتقدين أن السباب أحد مفردات الوطنية، وأن التطاول على الآخرين (عمال على بطال) ودون معلومات عربون محبة للقيادة السياسية، ولو اجتهدوا قليلا لفتحوا خزائن من المعلومات ضد كل من يتربص بمصر رئيسًا وشعبًا.

أما الفريق الثاني فيضم عددًا من الإعلاميين، هؤلاء يستخدمون نفس العشوائية في مهاجمة الحكومة والقيادة السياسية وتقزيم كل شيء ورسموا صورة سوداوية لمستقبل البلاد، متجاهلين الظرف السياسي والاقتصادي الذي تعيشه مصر.

من بين هذا الفريق عشرات "عبده مشتاق" كانوا ينتظرون شيئًا ليدخلوا في زمرة المستفيدين من أحداث 25 يناير وثورة 30 يونيو، لكن رياح القيادة السياسية جاءت بما لا يشتهون، فجلسوا أمام الكاميرات يندبون حظهم ويتباكون على كل وصلات النفاق التي كشفت عوراتهم أمام متخذي القرار.

فريقان في المشهد الإعلامي المصري كلاهما فقد مصداقيته وأساء ليس فقط لنفسه ولكن للقيادة السياسية أيضًا.. واستبدلا الأسئلة الأربعة بأخرى تصب في مصلحتهم الخاصة.. كم سأتقاضى؟ وما الصلاحيات التي تميزني عن الآخرين؟ وما الوقت المحدد لبرنامجي؟ وماذا عن الدعاية؟ 

هذا إلى جانب معايير أخرى أصبحت تتحكم في الظهور على الشاشة أو الوجود بمقال في صحيفة أو مجلة، فلم تعد الكفاءة هي المعيار الوحيد، وأمامنا وجوه لفتيات لا يصلحن للظهور، أو حتى التحدث مع ضيف، هؤلاء يتحكمن في الخريطة البرامجية وصاحب القناة نفسه، لا لشيء إلا لأن لديهن من المقومات الجسدية ما لا يتوفر في ذوى الكفاءات.

باختصار.. إعلامنا رسالته دائمًا إلى الداخل فقط، ينافس بعضه البعض، ويهاجم بعضه البعض، أما مذيعونا فقد انصرفت عيونهم عن الوطن ووضعوا الرئيس نصب أعينهم يوجهون كل رسائلهم إليه.. معتقدين خطأ أنها من الممكن أن تكون عربون محبة أو ضمانة للبقاء على الشاشة.

هذا هو إعلامنا وذاك هو إعلام «الشرق» و«مكملين»، نعمل بعشوائية ونأبى إلا أن نكون رد فعل، وهم يعملون وفقا لخطة ويسعون لهدف، متخذين من كبيرتهم «الجزيرة» نموذجا لبث السم في العسل.
Basher__hassan@hotmail.com

الجريدة الرسمية