رئيس التحرير
عصام كامل

فقط.. يريد أن يعيش!


المواطن لا يهمه من كل ما يجري حوله سوى العيش بطريقة آدمية، يحصل على احتياجاته اليومية، ويقضي مصالحه بسهولة ويسر ويلقى معاملة حسنة.. ولا يطلب الناس اليوم أكثر من عودة الأسعار والخدمات ومستويات المعيشة إلى ما كانت عليه حتى زمن قريب.. لا يشغلهم صخب السياسة ولا جدل النخبة، هم فقط يطلبون أن تتناسب الدخول مع متطلبات الحياة، أن يحصل أولادهم على تعليم مناسب وخدمات صحية شافية وغذاء آمن بأسعار مقبولة..


يريدون تعليمًا يحافظ على عقل هذا الشعب وتاريخه وتراثه ومستقبله، وأن يتخرج في جامعاتنا مرة أخرى علماء وأدباء ومبدعون قادرون على استعادة الحضارة ودورة التقدم، وأن تعود مدارسنا وجامعاتنا دور علم وتربية وأخلاق تعيد للمجتمع توازنه وسلامه.. وأن يعود إنتاجنا إلى سابق عهده في المنسوجات والسكر والأدوية والمحاصيل الزراعية، فنجد طعامنا من إنتاج يدنا وملابسنا من إنتاج مصانعنا، وأن يتخرج أبناؤنا فيجدون فرص عمل مناسبة في سوق قادرة على المنافسة وتحقيق القيمة المضافة..

أن يصبح أبناء الفلاحين والعمال مستشارين بلا واسطة، أو ضباط شرطة بلا محسوبية، أو أطباء بلا تزوير في نتائج الامتحانات.. أن تتخلص الدولة من الروتين وطول الإجراءات، فلا يذوق المواطن العذاب ألوانًا في الأجهزة الحكومية إذا أراد قضاء مصالحه، وأن يجد المستثمر سهولة ويسرا في الحصول على التراخيص اللازمة لمشروعه دون تعقيدات أو رشاوى.

باختصار.. القائد الإداري الكفء صار مطلبًا مهمًا لكل موقع، قائد إداري يجيد المشاركة والتواصل والإنجاز، ملمًا بفنون العلم الحديث الذي يقضي بضرورة الاختيار الصحيح للقيادات.. وهو مبدأ نفتقده كثيرًا في حياتنا، وهو ما دعا الرئيس السيسي للقول: "إن هناك شروخًا في كل مؤسسات الدولة".

مطلوب الاحتكام إلى العلم في الإدارة، واختيار الأكفاء ذوي الأمانة والنزاهة والحيوية الفكرية والعقلية والحماسة الوطنية لتحويل الإخفاق إلى نجاح مؤكد، في كل شركة أو قطاع أو وزارة.. القرار السليم تلزمه معلومات وبدائل سليمة، وقد كان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء يقوم بهذا الدور قبل أن ينزوي ويقتصر دوره على رصد الشائعات والرد عليها.. آن الأوان للاهتمام بالتدريب والتقييم المستمر للأداء في مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية إن أردنا خروجًا من هذا النفق، أو علاجًا لهذا الجهاز الإداري المترهل.. الإدارة علم وفن له أصوله.. ولا مفر من الاحتكام للعلم، فبه وحده تتقدم الأمم.
الجريدة الرسمية