مصر وخطة ترامب الكاملة لتدمير المنطقة!
شهران كاملان ونحن نحذر تصريحا وتلميحا من مخطط شيطاني يستهدف استبدال ما يسمي بـ"الربيع العربي" الذي فشل في مصر وتوقف في تونس ولم ينجح في سوريا بصراع آخر قد ينهي على المنطقة بأكملها، والمنطقة التي نعنيها هي بلادنا العربية، ولا تشمل طبعا دولة العدو الإسرائيلي، بل إنها الوحيدة المستفيدة منه لتراجع الصراع معها لمصلحة الصراع الجديد، والذي تحلم به إسرائيل وتخطط له منذ سنوات!
ومنذ التحذير لم يتراجع المخطط، بل أصبحنا نسير بسرعة كبيرة نحو تنفيذه، فالجنرال الأمريكي جيمس جونز القائد الأعلى السابق لقوات حلف الناتو أحد المستشارين السابقين في البيت الأبيض يقول صراحة لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية:"اقترح تشكيل حلف ناتو عربي.. وهذا الاقتراح أقدمه كفكرة لأنه كلما اتحدت دول الخليج ضد “الخطر الوجودي الإيراني” وأصبحت قوية عسكريا وحسنت الاتصالات وأقامت شبكة تبادل معلومات أمنية فإن الولايات المتحدة سترحب بالعمل مع هذا الكيان وستنضم إليه"!
جونز يتكلم عن الخطر الإيراني وعن شبكة اتصالات وتبادل معلومات وهذا لا يتم بطبيعة الحال بغير وجود إسرائيل على الخط، ليس فقط لتقدمها تكنولوجيا ومعلوماتيا، وامتلاكها شبكة أقمار صناعية، وارتباطها أيضا أمنيا بشبكة الأقمار الصناعية الأمريكية التي تغطي المنطقة، وإنما أيضا لعملها السابق والحالي نحو الهدف نفسه ومنذ سنوات!
أما الدكتور عايد المناع المحلل الكويتي والأكاديمي فيصرح قبل أيام إلى "صدى البلد" ويقول حرفيا: "إن الإشكالية مع إيران قد تتطور لصراع عسكري، ودول مجلس التعاون لا تستطيع الاستغناء عن الدور المصرى، لأن أمن المنطقة العربية بأكملها مرتبط بأمن مصر، مؤكدا أن مصر لا يسعدها أن تكون الأراضى العربية مباحة من قبل الدولة الفارسية التي فاقت أطماعها وتدخلاتها كل الحدود"!
بل ويضيف: "اعتقد أن زيارة أمير قطر المفاجئة للسعودية منذ أيام كان لها علاقة بهذا الأمر، كما أن الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها مصر وحاجتها لوقوف الأشقاء إلى جوارها خاصة دول مجلس التعاون التي ترى في استقرار الأوضاع في مصر وتجاوزها أي أزمة يصب في صالحها قبل الصالح المصرى احتل أيضا جزءا كبيرا من هذه الجولات"!
المناع يضيف بصراحة أكثر وأكثر ويقول:"إن هناك ترتيبات سرية خاصة بالإعداد لمشروع ما يتعلق بالأوضاع التي تشهدها الكثير من البلدان العربية، يتم بحثه من خلال هذه الجولات ستكون الولايات المتحدة الأمريكية شاهدا عليه مدللا على صحة كلامه ببدء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أولي زيارته الخارجية إلى السعودية"!
ولما بات الكلام عن الموضوع يبدو صريحا جدا وبأكثر مما توقعنا أو تخيلنا فإن ترتيبات أخرى لا يمكن أن تمر علينا مرور الكرام ويجب أن نتوقف عندها ومنها:
التحول الدراماتيكي في موقف حماس الذي يقبل أي حل سياسي يتم التوصل إليه دون اعتراف حماس بإسرائيل! وهذه المعادلة العجيبة لا يمكن فهمها إلا بقبول حماس بأي حل يتوصل اليه أبو ماذن دون أن تكون حماس طرفا فيه، ولذلك نصت الوثيقة الجديدة على "عدم اعتراف حماس بإسرائيل" و"سعيها لتحرير كل فلسطين باعتبارها كلها أرض محتلة" لأنه من غير المقبول عقلا أن توقع حماس مع إسرائيل اتفاقا بغير اعترافها بها!
هذا التطور السابق لا يمكن أن يتم إلا بضغوط عربية ودولية كبيرة، تسمح بالدخول إلى مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى لو محدودة تلغي أو تتوقف وتتجمد فيما بعد.. فالمهم السير نحو أي حل يرضي العرب شكلا وربما يسمح باصطفاف المنطقة في معسكر واحد (عربي إسرائيلي للأسف) وهو نفسه السيناريو الذي حدث بدرجة أو باخري قبل تدمير العراق!
ولا يمكن تمرير رفض باكستان إرسال قوات برية إلى المنطقة، فموضوع كهذا لا يتم إلا بعد مشاورات باكستانية أمريكية، وكان الهدف أن ترفض باكستان بحجة رفض البرلمان، إنما الهدف في الأول والأخير أن تكون القوات التي يتم الاعتماد عليها باعتبارها "وقود" الصراع مصرية فقط!
وعندما نتذكر أن الصراع الإيراني العراقي وحده قد امتد إلى ثماني سنوات كانت مدمرة انتهت إلى ملايين الشهداء وإلي ملايين من الجرحي والمشردين وإلي 500 مليار دولار لحرب توقفت عام 1988، ولم تتدخل فيها قوات من أي بلد آخر بعيدا عن الدولتين المتحاربتين! ولذا يفرض السؤال نفسه: كم عاما تستغرقها حرب سنية- شيعية؟ ستكون مذهبية هذه المرة.. أي سيتم تصويرها باعتبارها مقدسة؟ أي ستشتعل حتما-إن نجح المخطط- إلى مناطق وبلدان أخرى من باكستان وتمتد إلى لبنان!
بالطبع ستنتهي الخطة إلى دمار شامل وخسائر لا حصر لها، والأغلب ستنتهي بالمنطقة إلى التفتيت الشامل، فلن يسمح صاحب الخطة الجهنمية بانتصار على طرف حتى تستمر الحرب أطول فترة ممكنة، ثم يتدخل الشيطان في اللحظة المناسبة بحلول سياسية تؤدي إلى تقسيم المنطقة كما أشار إليها المخطط القديم.. الذي تحدث عنه الإسرائيلي "عوديد يعنون" عام 1982 في خطته لتفكيك المنطقة، ويسير بانتظام بل من المدهش أن خطته حدد لها أن تبدأ بالعراق ثم سوريا ثم مصر!!
اعتقادنا أن زيارات الرئيس السيسي لطرح رؤية مصرية تنقذ المنطقة وتضعها على خط الاصطفاف والتعاون وبدء حلحلة الأزمات المشتعلة في اليمن وسوريا سياسيا، تؤكد انتباهها للسيناريو الجهنمي، وأعطت مصر إشارات عديدة عن استشعارها الخطر، ومنها كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الأخيرة بالأردن، وحديثه عن رفض الصراعات الطائفية والمذهبية، واعتقادنا أنه كان يوجه حديثه ليس للقمة فقط إنما لعواصم أخرى !
لكن أيضا تبدو في الأفق بوادر انتباه ملف للأشقاء.. فالكويت مثلا قدمت قبل أسابيع مبادره لحوار"عربي- إيراني" وقالت إنها تلقت ردودا إيجابية، كما أن السعودية أعلنت فجأة قبل يومين وأثناء ترتيبات استقبال ترامب عن موقف جديد نتمني أن يتم تفعيله في الطريق الصحيح لإنقاذ المنطقة كلها، إذ نقلت وكالات الأنباء وأولها "روسيا اليوم" خبر ترأس الملك سلمان لاجتماع مجلس الوزراء السعودي، وكانت مقدمة الخبر حرفيا والذي كان عنوانه "السعودية تدعو لتغليب الحكمة" كما يلي:
"دعا مجلس الوزراء السعودي إلى تغليب الحكمة" في معالجة مختلف الأحداث في دول المنطقة" ثم استكمل الخبر تفاصيل الاجتماع!
السؤال: هل لمصر حلول أخرى يمكن أن تقدمها؟ نعم هناك.. ربما كان لها مقال مستقل لكن ما يعنينا الآن حجم المخاطر حولنا وهي جد لا هزل، وما يعنينا أيضا أن مصر بشعبها وبرئيسها- وبشعبها خلف رئيسها- لن تقبل بالتورط في مخطط مدمر يستهدفنا أولا، ويسعي لإقامة "إسرائيل الكبري" ولن تنجر إليه بأي حال مهما كانت المغريات أو حاجتها الاقتصادية.. حتى لو تمت دعوة الرئيس إلى قمة ترامب، ووافق على الدعوة من باب تلبية طلب الأشقاء.. رغم أمنياتنا ألا يحضر وألا يشارك !
لكن مصر التي أفشلت الربيع العربي وهزمت كل استهداف للمنطقة على مر التاريخ، قادرة أيضا على إفشال غيره.. هكذا قال التاريخ وهكذا قالت التجارب.. إنها مصر المحروسة بعهد الإله!