قراءة في زيارة البابا
جاءت زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى مصر "البابا فرنسيس"، بابا الفاتيكان، حاملة العديد من الدلالات الباعثة للآمال والتي تؤكد مكانة مصر ودورها العميق في المنطقة مهما مرت بها من خطوب أو أرهقتها المحن.
لقد حاولت العديد من الصحف وأبواق الإعلام المأجور خلال الأسابيع الماضية أثناء البابا عن زيارة مصر خاصة بعد حادثتى الإسكندرية وطنطا إلا أن البابا أصر على إتمام الزيارة ليؤكد أن مصر السلام ستظل باقية قوية مهما مرت بها المكائد وأن مصر الأزهر والكنيسة ستظل منفتحة على الجميع تحاور الرأى بالرأى والحجة بالحجة مكافحة الفكر الرجعى والمحاولات المستميتة لزرع بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وبين مصر وشركائها في الخارج.
إن الرسائل الإيجابية التي بثتها الزيارة الثانية لبابا الفاتيكان (حيث قام بالزيارة الأولى البابا يوحنا بولس عام 2000) لمصر خلال 70 عام هي عمر دولة الفاتيكان يجب استغلالها فورا من قبل جميع أجهزتنا الإعلامية وأبواق الإعلام الدولى.. نعم على وزارة الخارجية ووزارة السياحة وهيئة الاستعلامات المصرية وغيرها من الكيانات المسئولة عن توضيح صورتنا الذهنية استغلال ذلك الحدث العالمى والذي أعتقد أنه أكثر تأثيرا من الإعلانات والزيارات المدفوعة خاصة أن الزيارة يتابعها عشرات المئات من الملايين من البشر وتحظى بتغطية إعلامية مكثفة من قبل مئات الصحفيين والمراسلين الأجانب حول العالم!
جاءت زيارة البابا لمصر في وقت مناسب لتؤكد لقوى الشر أن العمق الدولى لمصر ما زال قويا وأن مصر الوطن والشعب تنبذ كل أشكال العنف والتطرف وتعضد من مفاهيم التسامح والحوار دون مغالاة أو تطرف وقد استهدفت زيارة البابا تمتين دعائم الحوار بين الأديان السماوية وإقامة جسور للتواصل الفاعل وإظهار تضامنه مع الأقباط في مواجهة الإرهاب.
ومن المؤكد أن للزيارة دلالاتها الإيجابية فيما يتعلق بالملف السياحى من عدة زوايا تأتى على رأسها استغلال الزيارة في تحسين الصورة الذهنية لمصر وبث رسائل طمأنة بأمن وأمان المقصد السياحى المصرى وإلقاء الضوء على المزارات المسيحية بمصر، خاصة أن وزارة السياحة تُفعل منتجا سياحيا مهما خاصا بإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة والذي يحظى باهتمام دولى وخاصة من قبل معظم مسيحى العالم والذي يتضمن نقاط زيارة رحلة العائلة المقدسة إلى مصر وجاءت تلك الزيارة لإلقاء المزيد من الضوء على تلك النقاط على هامش الزيارة خاصة أن البابا قال "يشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة"، وهنا وجب على وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة والمكاتب السياحية المصرية بالخارج الاستغلال الفورى لتلك الزيارة.
وأشيد هنا بمشاركة البابا فرنسيس في الجلسة الختامية لمؤتمر السلام العالمى الذي عقده الأزهر الشريف وتأكيده نبذ العنف وأهمية التسامح وإقامة جسور الحوار بين الديانات.
وقد جاءت كلمة فضيلة شيخ الأزهر جامعة مانعة كاشفة خلال الجلسة الختامية لمؤتمر السلام بحضور البابا فرنسيس والتي رأت أن يتضمن المقال جزءًا منها لأهميتها والتي قال فيها:
"يلزمنا العمل على تنقِية صُورة الأديان مِمَّا عَلِقَ بها من فهومٍ مغلوطةٍ، وتطبيقاتٍ مغشوشةٍ وتديُّنٍ كاذبٍ يُؤجِّجُ الصِّراعَ ويبث الكراهية ويبعث على العُنف.. وألَّا نُحاكِم الأديان بجرائمِ قِلَّةٍ عابثةٍ من المؤمنين بهذا الدِّين أو ذاك، فلَيْسَ الإسلام دين إرهاب بسبب أن طائفة من المؤمنين به سارعوا لاختطاف بعض نصوصه وأولوها تأويلًا فاسدًا، ثم راحوا يسفكون بها الدماء ويجدون مَن يمدهم بالمال والسلاح والتدريب.. ولَيْسَت المَسيحيَّة دين إرهابٍ بسبب أن طائفة من المؤمنين بها حملوا الصليب وراحوا يحصدون الأرواح لا يفرقون فيها بين رجل وامرأة وطفل ومقاتل وأسير، وليست اليهودية دين إرهاب بسببِ توظيف تعاليم موسى عليه السلام –وحاشاه- في احتلالِ أراضٍ، راحَ ضَحِيَّته الملايين من أصحاب الحُقُوق من شَعْبِ فلسطين المَغلُوب على أمرِه، بل لَيْسَت الحضَارة الأوروبيَّة حضارةَ إرهاب بسببِ حربين عالَميتَين اندَلعتَا في قلبِ أوروبا وراحَ ضَحِيَّتها أكثر من سبعين مليونًا من القتلى، ولا الحضارة الأمريكية حضارة إرهاب بسبب ما اقترفته من تدمير البَشَر والحَجَرَ في هيروشيما ونجازاكى، هذه كلها انحرافات عن نهج الأديان وعن منطق الحضارات وهذا الباب من الاتهام لــو فُــتِـحَ –كما هو مفتوحٌ على الإسلام الآن- فلَنْ يسلَم دينٌ ولا نظامٌ ولا حضارةٌ بل ولا تاريخٌ من تُهمة العُنف والإرهاب".
وللحديث بقية
Aymanpress333@yahoo.com