رئيس التحرير
عصام كامل

فضل شهر شعبان


جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها"، أي تعرضوا بقلوبكم وأرواحكم إلى رحمات الله تعالى وإحسانه وفضله في هذه الأيام الفاضلة الكريمة المباركة، ولقد مر شهر رجب وهو من تلك الأشهر المباركة التي فيها الرحمات والتجليات وأقبل شهر شعبان شهر رسول الله كما جاء في الحديث: "رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي"..


أقبل شهر شعبان ذلك الشهر الذي شع فيه نور الحبيب صلى الله عليه وسلم وبان لنا وللبشرية جمعاء قدره ومنزلته عند ربه عز وجل، نعم شهر شع فيه نور النبي وبان قدره وقد تجلى ذلك في استجابة الله لرغبة حبيبه القلبية عليه الصلاة والسلام والتي لم يجهر بها ولم يدع بها ويطلبها من ربه بلسانه الشريف وهي تغيير القبلة في الصلاة من الأقصى إلى الكعبة المشرفة، وإنما توجه بقلبه إلى ربه وسأله ذلك فاستجاب ربه تعالى ولبى رغبته، وجاء وحي الله يحمل أمر الاستجابة والتلبية من الله لرغبة حبيبه حيث قال تعالى: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها"..

هذا ولتحويل القبلة في الصلاة قصة تحمل من المعاني والدلالات الكثير والكثير، والقصة كالآتي: "عندما فرض الله الصلاة على الأمة الإسلامية في ليلة الإسراء صلى النبي الكريم والمسلمون وهم متوجهون إلى بيت المقدس المسجد الأقصى بالقدس الشريف قبلة الأنبياء وثالث الحرمين، الحرم المكي حيث بيت الله الحرام، والحرم النبوي حيث مدينة رسول الله ومرقده الطاهر الشريف، وكانت القبلة الأولى المسلمين وظل الحال على ذلك إلى أن هاجر النبي الكريم إلى المدينة المنورة وفي العام الثاني من الهجرة نزلت آيات تحول القبلة في الصلاة في مسجد ذي القبلتين أثناء صلاة النبي والمسلمون صلاة العصر..

وكان ذلك أثناء الصلاة فتوجه النبي ومن خلفه من المصلين إلى الكعبة المشرفة بيت الله الحرام وكان هذا التحويل على إثر توجه النبي بقلبه إلى ربه تعالى طالبا منه سبحانه أن يأذن بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس وموطن مولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأحب بقاع الأرض إلى قلبه".

فاستجاب الله لرغبة نبيه المحبوب وصفيه المجتبى من خلقه، هذا ومن القراءات في توجه الرسول والمسلمين في البداية إلى المسجد الأقصى قبلة الأنبياء جميعهم أولا الإشارة إلى أن ما جاء به صلى الله عليه وسلم أقصد رسالة الإسلام لا تخالف ما جاء به إخوانه الأنبياء وأن توجههم واحد وقبلتهم واحدة ومضامين مناهج رسالاتهم مع اختلاف المسميات واحدة وهي منزلة من قبل الإله الواحد وكلها تعود إلى توحيده وعبادته عز وجل، يقول تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون".

هذه واحدة وأعتقد أن الله في البداية أمر أن تكون قبلة المسلمين تجاه المسجد الأقصى قبلة أصحاب الديانات والرسالات السماوية السابقة من اليهود والنصاري تأليفا لقلوبهم وتأكيدا لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليس مختلفا عنهم، فالرب واحد وهو تعالى الذي أنزل التوراة والإنجيل وكل الكتب والرسالات السماوية، هذا وبما أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو قائد ركب الأنبياء وسيد المرسلين وهو النبي الخاتم كان ضروريا بعد أن توجه في البداية في صلاة تجاه قبلة إخوانه الأنبياء، وأكد أن قبلة الأنبياء واحدة أن تتحول القبلة إلى مكة المكرمة إلى بيت الله الحرام لأنه هو الإمام والسيد والقائد ولا يليق به أن يكون تابعا في التوجه إلى الله..

وإلى هذا أشار عليه الصلاة والسلام بقوله: "لأن لحقني أخي موسى عليه السلام ما وسعه إلا أن يتبعني"، وفي رواية أخرى لأن لحقاني موسى وعيس عليهما السلام ما وسعهما إلا أن يتبعاني، هذا ويجب علينا أن نغتنم هذه الأيام المباركات بالرجوع إلى الله والاجتهاد في طاعته وذكره والاجتهاد في أعمال البر والمعروف حتى نحظى بتلك الرحمات والنفحات الربانية..
الجريدة الرسمية