المحكمة وتريزا والبرلمان
فاز حزب المحافظين في انتخابات ٢٠١٥ بأغلبية لكن لم تكن أغلبية مريحة كما يقول السياسيون.. وصوت البريطانيون على الخروج من الاتحاد الأوروبي واستقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون كما وعد ونفذ وعده كسياسي شريف يحترم شعبه.. وانتخبت تريزا زعيمة لحزب المحافظين وأصبحت الحاكم الفعلي للمملكة المتحدة التي هي ملكية دستورية عريقة وصرحت بأنها ستخرج من الاتحاد الأوروبي خلال سنتين وستقوم الحكومة بعمل الإجراءات اللازمة للخلع بطريقة آمنة ودون خسائر.
لكن بعض السياسيين من حزبها ومن الأحزاب الأخرى قالوا إن هذا من عمل البرلمان ومسئوليته ومن ثم تم رفع قضية أمام المحكمة العليا التي قضت أنه على الحكومة أن تأخذ رأي البرلمان في هذا الأمر الخطير وعلى ذلك خضعت الحكومة لقرار المحكمة ولم يكن هناك أي اعتراض من أي جهة لحكم المحكمة العليا الذي هو نافذ على الجميع أيا ما كان..
وكانت رئيسة الوزراء قد أكدت في مؤتمر حزب المحافظين الأخير أكتوبر ٢٠١٦ -وكنت حاضرا- على أنها تستعد للانتخابات في موعدها عام ٢٠٢٠ وطالبت كبار الأعضاء بأن يستعدوا لذلك في وقت مبكر بالمال والشباب والرجال والنساء وبدأ رئيس الحزب مباشرة النداء لجمع التبرعات لأن لدى منافس حزب العمال فائضا أكثر من عشرة ملايين إسترليني.
وجاء وقت الخلع وتقدمت تريزا بخطاب يطلب الخروج من الاتحاد الأوروبي أرسلته على يد مخصوص -الوزير المختص- ولم ترسله بالبريد وبدأت تستعد لعملية الخروج ووجدت أنها تحتاج إلى تفويض شعبي صلب لكي تحقق أكبر فائدة لشعبها خصوصا أن الأغلبية التي تتمتع بها عبارة عن ١٧ صوتا فقط داخل مجلس العموم، كما أن الوضع السياسي في بريطانيا يميل إلى حزب المحافظين وحزب العمال المنافس منقسم وبه مشكلات وموقفه ضعيف.. وعلى ذلك قررت إجراء الانتخابات قبل موعدها لعلها تحصل على أغلبية مريحة تعطيها التفويض اللازم والقوة السياسية لتحقيق برنامجها والدخول في مفاوضات الخروج بثقة واقتدار لمصلحة بريطانيا، ولقد أقر النواب قرار الانتخابات بأغلبية ساحقة مع أنهم قد يفقدوا مقاعدهم.. لكن مصلحة الدولة فوق كل اعتبار ورحبت دول أوروبا بهذا القرار لأنهم بلاد حرة ديمقراطية ويقدروا هذا الأمر تمامًا.. فهل يتعلم أولوا الألباب.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.