ثورة مصرية فى الصين
فى وسط الإحباط وخيبة الأمل ، كان مبهجاً أن يؤكد لى الحقوقى الصينى هوشانج اسادا الذى قابلته فى مؤتمر المنظمة الدولية الألمانية لحقوق الإنسان فى مدينة بون، أن الثورة المصرية ما زالت ملهمة لملايين الصينيين. فهم يتمنون الثورة ضد نظام الحكم، ولكنهم حسب تعبيره لا يمتلكون شجاعة المصريين. الحقيقة أننى لم أكن أعرف أن انتهاكات حقوق الإنسان فى الصين بهذه البشاعة . وكنت أتساءل كيف يمكن لنظام قمعى أن يحقق كل هذه النهضة الاقتصادية. اسادا قدم تفسيراً بسيطاً ولكنه مقنع. السبب الأول أن هذه الطفرة التى بدأت منذ نهاية السبعينات تقوم على عمالة رخيصة وبلا أى حقوق من أى نوع. وهذا ما مكن النظام من المنافسة ، فالمنتجات فى غاية الرخص، بالإضافة الى أن كثيرًا من الصناعات هى التى تخلص منها الغرب لأنها ملوثة للبيئة . السبب الثانى هو أن المجتمع هناك ما زال أبويًا عبوديًا، بمعنى أن الثقافة السائدة هى العبودية فى علاقات العمل والعلاقات الأسرية وغيرها وغيرها. وهذا ينقلنا إلى السبب الثالث وهو النظام القمعى الاستبدادى والذى يفعل أى شىء وكل شىء . على سبيل المثال نزع الأراضى من أى صينى بلا حقوق . اختفاء وإعدام معارضين . والنتاج نهضة من دم الشعب الصيني. نهضة بلا عدالة، فالمجتمع الصينى أقلية ثرية جدًا وأكثرية تعانى الفقر المروع والاستبداد.
الحقيقة أن كثيرًا من الأنظمة الاستبدادية صنعت نهضة بدرجات متفاوتة ، الدول التى كانت شيوعية، وصدام حسين فى العراق وعبد الناصر فى مصر، وهتلر فى ألمانيا. فالنمو الاقتصادى لا يرتبط بالضرورة بالديمقراطية وحقوق الإنسان. فقد وصل معدل النمو فى عهد مبارك إلى 8% ، ولكن هذا لم يمنع الثورة. الأهم أن هذا النوع من النمو والتقدم لا يستمر فقد انهارت أنظمة الحكم الديكتاتورية رغم أنها وفرت حداً أدنى من الحياة المعقولة.
هذا بالضبط ما يؤمن به الصينى اسادا، فلا يمكن أن يستمر نظام ليست لديه مشكلة فى أن يبيع أعضاء الفقراء الصينيين للأثرياء فى أى مكان فى العالم. ولا يمكن أن تستمر نهضة على جثث الشعوب ولا يمكن أن تستمر تنمية بدون حقوق إنسان . بل ويؤكد أن النظام لن يستمر أكثر من عامين أو ثلاثة. وعندما قلت له إننى أخشى من أن يركب الثورة الصينية إذا حدثت متطرفون بوذيون، رد بسرعة: ليس لدينا متطرفين دينيين.