أزمات شركة غزل المحلة وآليات الإصلاح «تقرير»
تعددت مشكلات شركة غزل المحلة حتى وصلت إلى الاضطرابات التي تلاحق قطاعات العزل والنسيخ بالمحلة الكبرى، ولم تتوقف تلك الإضرابات والاعتصام في عهد المخلوع مبارك، ولا في ظل حكم المجلس العسكري، ولا في ظل حكم المعزول مرسي ما هدد مصير عشرات الآلاف من عمال تلك الشركات بسبب الخسائر التي بلغت المليارات.
"فيتو"، التقت مسعد الفقي أقدم عمال شركة الغزل والنسيج بالمحلة، ورصدنا أحوال الشركة والعمال والإضراب التي لم يسلم منها أي من أقسام الشركة ومصانعها، وتوقف أقسام الغزل والنسيج والصوف، والتعرف على أسباب تكبد الشركة للخسائر.
يقول مسعد الفقي: إن عمال الشركة منذ عهد مبارك ثم المجلس العسكري ثم مرسي وحتى الآن حلمهم هو الحصول على حقوقهم الضائعة التي تجاهلتها الحكومات السابقة.
وأوضح أن الإضراب ليس فقط من أجل زيادة الحوافز والمرتبات ومطالب أخرى شخصية، بقدر ما هو غضب واستياء من الإهمال الكبير وسوء الإدارة الفادح، الذي تعانيه الشركة، ما أدي إلى تعطل حركة الاستيراد والتصدير لكافة منتجات الشركة خلال العشر سنوات الماضية.
وتابع: إن مجلس إدارة الشركة في السابق كان يقوم بتنظيم معارض لتسويق منتجاتها بمختلف محافظات الجمهورية، بينما في الوقت الراهن يتم بيع المنتجات والسلع القطنية بأسعار أقل من ثمنها الحقيقي، ما يكبد الشركة خسائر مادية لا تعود بأى نفع لصالح العاملين بها.
ولفت أن شركة غزل المحلة تشهد ركودا في حركة الإنتاج، بسبب عدم توافر المواد الخام، بالإضافة لركود آخر في البيع والتسويق الداخلى والخارجى مما يعيق تطور عجلة التنمية الصناعية وسقوط الشركة، وذلك وفقا لما كان يسعى إليه البعض بخصخصة الشركة كغيرها من الشركات كنوع من تصفية الحسابات مع عمال الشركة، وتحقيق مصالحهم الخاصة فقط على حساب هذا القطاع العريض من العمال وأسرهم البسيطة، والذي كان مصيرهم هو الجوع والتشرد في حالة إغلاق المصانع، وفقدان مصدر الرزق الوحيد بسبب تجاهل الحكومات السابقة.
وأضاف أن شركة غزل المحلة الكبرى كانت تتربع على رأس الصناعات المصرية، ويطلق عليها "قلعة الصناعة المصرية" لتميزها بصناعة الغزول وإنتاج خيوط النسيج، ويرجع الأمر إلى مؤسسها "طلعت حرب" باشا في عام 1927 برأس مال بلغ قيمته نحو 300 ألف جنيه مصرى، والتي حققت نجاحات عظيمة، وأضافت لاقتصاد الدولة مكانة عظيمة وسط الدول الخارجية والأجنبية.
ولفت إلى أن شبح التشريد وتوقف مصانع الشركة وهبوط استثمارتها ومبيعاتها أصبح أزمة تهدد عمالها بالضياع، وذلك في ظل تخطى حاجز خسائر الشركة نحو أكثر من نصف مليار جنيه، طبقا للتقارير التي كشف عنها جهاز المحاسبات المركزى، وهو ما دفع العمال للقيام بتقديم أكثر من مذكرة لمفوض عام الشركة، بضرورة التدخل الفورى ووضع حلول واقعية لإيقاف خسائر الشركة التي ارتفعت قيمتها أضعاف ما يتم تدوينه بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، حيث تتميز شركة المحلة بتنوع مصانعها الإنتاجية في قطاعات الغزل والنسيج والصوف والملابس الجاهزة وغيرها، ما يعد إضافة تحقق مصدر دخل قومى ضخم، يدعم كيان الدولة ويحقق رفعتها إذا تم الالتفات إليه، وعلاج كافة قصور المنظومة الإدارية بالشركة وإعطاء عمالها حقوقهم المهدورة خلال السنوات الماضية.
وعلى الرغم من ذلك تواجه الشركة منافسه شرسة من قبل الشركات الأوروبية والدولية المنافسة لها في الصين والهند وألمانيا، حيث يتميز المنتج الخارجى بالجودة العالية ورخص السعر في ظل زيادة رهيبة قطعت شوطا أطاح بمنتجاتها، وجعلها تتراكم بصفة مستمرة بمخازن الشركة، بسبب ارتفاع أسعار الغزول بنسبة تخطت 300٪ في ظل تراجع حاد لحركة السوق، فاضطر عدد من المصانع لإيقاف 80% من الماكينات الشغالة وهو ما أدى لتخفيض الإنتاج.
وأكد أنه عقب ثورة 25 يناير أصيبت مصانع الشركة وغيرها من المصانع الخاصة والحكومية بالشلل التام، نتيجة ارتفاع أسعار الغزول الأمر الذى دفع العديد من الجمعيات والنقابات لتقديم مذكرة لرئيس الوزراء في تلك الفترة د. عصام شرف تتضمن عدة مطالب أهمها منع تصدير القطن وتثبيت أسعار الغزل ووقف الدعم المخصص للغزل المصدر، مع زيادة الدعم المقدم للغزل المخصص للسوق المحلي وإلغاء نسبة الـ5٪ الجمارك المفروضة على الغزل المستورد، لكن للأسف لم تنفذ حتى الآن وهو ما أسفر عن توقف ماكينات مصانع الشركة بنسبة 80% من الطاقة الإنتاجية.
وكشف أن السبب في تلك الكارثة كان استخدام عدة أساليب كان من شأنها تدمير صناعة الغزل والنسيج بداية من الفلاح الذي عانى كثيرا وتراكمت عليه الكثير من الديون، وأصبح يهرب من زراعة القطن لتسببها في الكثير من تحقيق الخسائر، الأمر الذي أدى لتراجع المساحات المزروعة بالقطن لتصل إلى 285 ألف فدان فقط، وهو انخفاض لم يحدث منذ 150 عاما.
ونهاية بعدم تنفيذ مطالب العمال بتأخر صرف حوافزهم، ليكون المقابل منهم هو الإضراب وبالتالى ينجح مخطط تحقق الشركة خسائر، لافتا إلي تواجد السلع الصينية رخيصة الثمن ضعيفة الجودة في ظل غلاء الغزل المحلي الذي يرفع من جودة المنتج ودخول الغزل السوري والصيني الرديء بعد منحه التسهيلات التي كان لها الأثر الواضح في تدهور شركة غزل المحلة.
وصرح المهندس حمزة أبو الفتح رئيس مجلس إدارة شركة غزل المحلة بأن قطاع الغزل والنسيج يشهد جهودا غير مسبوقة من جانب الحكومة؛ لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج من التعثر، وإصلاح الخلل الموروث من أجل عودة هذه الصناعة إلى ما كانت عليه، وعودة القطن المصرى من خلال عدد من المحاور على رأسها إستراتيجيات لإعادة الهيكلة على المستوى الفنى والمالى والإداري والتسويقى والدراسات التحليلية والفنية، بهدف زيادة حجم الإنتاج وزيادة الإيرادات بالشركات والتوسع في مساحات الأراضي المنزرعة بالقطن، وتوفير احتياجات الشركات والمصانع من الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة نتيجة سياسات زراعية جديدة تسهم في عدم استيرادها.
وأشار إلى أن الشركة القابضة للغزل والنسيج وضعت إستراتيجية جادة للإصلاح والهيكلة خاصة الشركات شديدة التعثر كشركة غزل المحلة التي كانت يوما ما بمثابة العمود الفقرى لصناعة الغزل والنسيج إلى جانب التزامها بتوفير مستلزمات الإنتاج واستحداث بعض الماكينات واستكمال أجور العاملين الشهرية.
وأوضح أن الشركه القابضة كانت تتابع يوميا دراسات التطوير والهيكلة على أرض الواقع، والتي تضمنت دراسات السوق ونوعيات المنتجات والحالة الفنية للآلات وعمرها الافتراضى بجميع المصانع والربط الوظيفى للعمال من عمال إنتاج ويومية وخدمات معاونة وطبقة إشرافية وإدارية وأسباب الخسائر وتراكم المخزون وكيفية تصنيفه وتصريفه.
وأكد أنه لا مساس بالمكتسبات التي حصل عليها العاملون وأنه سيتم تحفيز العمال المتميزين ليكونوا قدوة لغيرهم، وأنه وضع خطة عمل جديدة لإصلاح جوانب الخلل والتي من اهمها وضع منظومة عمل مستقرة لخلق نوع من التوازن بين المبيعات والمصروفات الشهرية البالغة 90 مليون جنيه التي تتمثل في الأجور الشهرية البالغة 43 مليون جنيه، بالإضافة للضرائب والتأمينات الاجتماعية والكهرباء ومستلزمات الإنتاج وخلافه على أن يكون حجم المبيعات الشهرية متساويا مع المصروفات على الأقل في المرحلة الحالية، وأنه بدأ التنفيذ بتشكيل لجنة يمثل فيها إدارة البيع المحلى والخارجى والمشتريات والتشغيل لرفع معدلات التصدير وزيادة البيع المحلى، وأنه قد أصدر تعليماته لرؤساء القطاعات بعرض فورى للمشكلات التى تعوق عمليات الإنتاج والبيع لتذليلها فورا.
وتعهد بأن الأيام القادمة ستشهد قفزة في المبيعات خاصة وأنه قام بالاتصال بالعديد من العملاء الذين ألغوا تعاملاتهم مع الشركة، وتم تسوية الأمور الخلافية معهم والاتفاق على عودة التعامل مع الشركة بأسلوب "يسر ولا تعسر" بشرط تحقيق الربحية وبأسعار مناسبة.
ووعد بتصريف المخزون الراكد منذ سنوات البالغ قيمته 700 مليون جنيه بأسعار تتناسب مع أصناف المخزون تحت إشراف الشركة القابضة معتبرا ملف تصريف المخزون المكدس بالمخازن قضية شخصية من أجل توفير السيولة المالية التي ستساهم في شراء الأقطان ومستلزمات تشغيل مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمفروشات.