رئيس التحرير
عصام كامل

مسلمو ميانمار يستنصرون بالمجتمع الدولى.. ومصر ومنظمة التعاون الإسلامى تستجيبان.. الأزهر: ما يحدث هو عملية تطهير عرقى ومذابح جماعية بشكل ممنهج ومرتب

أرشيفية
أرشيفية

لاتزال أقلية الروهينجيا المسلمة فى ميانمار "بورما سابقا"، التى استضعفها الطغاة والمستبدون وقهروها وصادروا حقوقها وانتهكوا حرماتها ظلما وفسادا فى الأرض، تحلم وتتطلع إلى عالم دولى وعربى وإسلامى يهب لنجدتها من عمليات النحر والطرد من وطنها.


فهى تعيش حياة من القهر والظلم لا يتحملها بشر على وجه المعمورة، علاوة على أنها تنتظر الموت الذى يحل بساحتها بين الفينة والأخرى.

فهؤلاء المسلمون يصرخون ويستنصرون بالأمة الإسلامية والعربية وبشعوب العالم الحرة كى تقف بجانبهم، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لوقف العمليات العدوانية التى تمارس بحقهم على مسمع ومرأى من الجميع، وأن تمارس كل الأساليب الشرعية لحمايتهم من بطش وجبروت السلطة العسكرية البوذية.

استجابة لهذه الصرخات المدوية، يعقد فريق الاتصال التابع لمنظمة التعاون الإسلامى المعنى ببحث أزمة مسلمى ميانمار، اجتماعا اليوم الأحد فى مقر المنظمة بجدة برئاسة مصر "رئيس القمة الإسلامية الثانية عشرة لمنظمة التعاون الإسلامى".

تأتى مشاركة مصر فى الاجتماع برئاسة وزير الخارجية محمد عمرو، لتعكس مدى اهتمامها بهذه المشكلة وسرعة إنهاء معاناة المسلمين هناك، حيث أعربت عن إدانتها لتجدد أحداث العنف التى يتعرض لها المسلمون فى ميانمار، وقلقها العميق إزاء امتداد تلك الأحداث لتشمل عدة أقاليم جديدة وهو ما ينذر بتحولها إلى استهداف ممنهج على أساس طائفى وعرقى.

ودعت مصر إلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة وفورية ضد مثيرى الفتنة، ولإعمال سيادة القانون لوضع حد لأعمال العنف التى تستهدف أرواح وممتلكات الأقليات المسلمة فى ميانمار بالإضافة إلى ضرورة إجراء معالجة جذرية للأزمة لمنع تكرارها، ووقف التمييز ضد المسلمين والذى يتناقض مع كل الأعراف والاتفاقيات الدولية.

ورغم الشهور القلائل المتبقية له فى الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى، لم يغفل الأمين العام أكمل الدين إحسان أوغلى صرخات مسلمى ميانمار بل بذل ولايزال جهودا حثيثة لوقف معاناة هؤلاء المسلمين على كل الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.

ويأتى انعقاد اجتماع فريق مجموعة الاتصال "مصر، والسعودية، والسنغال، وإندونيسيا، وماليزيا، وسلطنة بروناى، وبنجلاديش، وجيبوتى، وتركيا، وأفغانستان، والإمارات)، بجدة اليوم بناءً على دعوة وجهها الأمين العام بعد تصاعد العنف الذى يمارسه المتطرفون البوذيون ضد الأقلية المسلمة فى ميانمار، كما وجه الدعوة لأمين عام مجلس التعاون الخليجى الدكتور عبداللطيف بن راشد الزيانى، ووزراء الخارجية بالدول الأعضاء فى المجلس.

ومن المقرر أن يلقى الأمين العام للمنظمة، كلمة فى الجلسة الافتتاحية والتى سوف يشارك فيها كذلك وقار الدين مدير عام اتحاد الروهينجيا، على أن يصدر بيان ختامى عقب الاجتماع يهدف فى فقراته إلى إيجاد السبل الكفيلة بإيقاف العنف الموجه ضد المسلمين فى ميانمار وإلزام الحكومة هناك بالمواثيق والقوانين الدولية لحماية الأقليات لديها فضلا عن احترام حقوق الإنسان.

وذكرت مصادر مطلعة فى المنظمة التى تضم فى عضويتها 57 دولة، أن الأمانة العامة ومجموعة الاتصال تعكفان على دراسة تدابير أخرى من أجل مواجهة هذه المشكلة.

كان الأمين العام قد أرسل مؤخرا وفدين رفيعى المستوى إلى ميانمار لتقصى الحقائق، حيث اجتمعا مع رئيس ميانمار ثين سين ومسئولين كبار وأفراد من المجتمع المحلى فى ولاية راخين.

ويعمل الأمين العام على تعبئة الجهود من أجل أن يتم بحث قضية الروهينجيا المسلمين فى مجلس الأمن الدولى، خاصة أنه يرى أن العنف المتعمد والممنهج ضد هؤلاء المسلمين هو بمثابة تطهير عرقى، ويجب النظر فيه على أعلى مستوى من طرف المجتمع الدولى.

وفى كلمته أمام القمة العربية بالدوحة، دعا إحسان أوغلى قادة الدول العربية إلى نصرة أقلية الروهنجيا المسلمة فى ميانمار، واصفا إياها بأنها أكثر الشعوب اضطهادا.

وتواصل التعاون الإسلامى جهودها لإيصال المعونات الإنسانية للضحايا المتضررين من العنف من خلال المنظمات غير الحكومية، بالرغم من الإعلان الذى أعلنته حكومة ميانمار مؤخرا بأنها لن تسمح للمنظمة بفتح مكتب للتنسيق الإنسانى فى ولاية راخين، وجاء هذا الإعلان مخيبا لآمال المنظمة لأنها قد وقعت اتفاقا مع الحكومة لفتح المكتب.

وفى هذا السياق، طالب الأزهر دول العالم والأمم المتحدة بالعمل على رفع الظلم عن المسلمين فى ميانمار، مستنكرا ما يتعرضون له من حملات إبادة جماعية.

وذكر الأزهر فى بيان أصدره على خلفية تجدد هذه الأحداث أنه يتابع بقلق بالغ ما يحدث للمواطنين المسلمين فى ميانمار (بورما سابقا) من أعمال وحشية تقوم بها جماعة الماغ البوذية المتطرفة بدعم من النظام، والتى نجم عنها تشريد ملايين المسلمين فى طول البلاد وعرضها وتدمير منازلهم وحرق مساجدهم ومزارعهم وممتلكاتهم وطردهم من قراهم.

وأكد أن تلك الأعمال تأتى فى إطار عمليات التطهير العرقى والمذابح الجماعية التى تحدث بشكل ممنهج ومرتب وبتخطيط مسبق من آن لآخر تحت سمع وبصر الجهات المسئولة، مطالبا دول العالم المتحضر وكل القوى المحبة للسلام والهيئات والمؤسسات الخيرية والإغاثية وهيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان فى العالم بأن تعمل على رفع الظلم الواقع على مسلمى ميانمار.

وعلى الصعيد الدولى، قال يل روبرتسون نائب مدير قسم آسيا فى منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان "إن الحكومة البورمية تفرض قيودا على المساعدات الإنسانية، وتفرض سياسات تمييزية ضد الروهينجيا المسلمين فى ولاية آراكان؛ وأن هؤلاء المسلمين يواجهون أزمة إنسانية ويجب على الحكومة السماح للوكالات الإنسانية بحرية الوصول للسكان المسلمين لتقديم المساعدة، وإلغاء المناطق العازلة، وطرح خطة لأولئك المشردين فى العودة إلى ديارهم.

يشار إلى أن أقلية الروهينجيا المسلمة تبلغ نحو 800 ألف نسمة من إجمالى عدد سكان ميانمار الذى يتجاوز 50 مليون نسمة وتقيم غرب ميانمار، وتعتبر الأمم المتحدة هذه الأقلية التى لا تعترف بها أية دولة بأنها الأكثر تعرضا للاضطهاد فى العالم.
الجريدة الرسمية