رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا ضاعت ثروة المصريين وممتلكاتهم! (9 )


توقفنا لأيام أخذتنا فيها الأحداث الدولية والإقليمية والمحلية من سوريا إلى كوريا إلى الإرهاب في الداخل وأثنائها لم تتوقف المطالب للعودة لاستمرار هذه الحلقات عن خراب مصر، الذي جرى فيما أسموه "الخصخصة" ولأن أهل البجاحة لا يتوقفون عن استفزاز الجميع بقولهم "ولا يوم من أيامك" لذا قررنا أن نستعرض في حلقات عددًا من أيامه السعيدة التي أهدر فيها مبارك ثورة الشعب المصري بيعًا وفسادًا أو دمرها إهمالًا، وفي حلقاتنا السابقة لمن لم يتابعها-وهى موجودة- كانت كلها مدعومة بالتواريخ والارقام والإحصائيات!


اليوم نقف أمام جريمة أخرى متمثلة في ذبح شركة عملاقة هى شركة "راكتا" لإنتاج الورق، وقد تأسست الشركة سنة 1958 في ظل نهضة صناعية كبرى كانت تنظر إلى احتياجات البلد للاستغناء عن الاستيراد والاعتماد على الذات وبالفعل وبعد عامين وتحديدًا عام 1960 بدأت الشركة في الإنتاج باستخدام خامة قش الأرز بماكينتي إنتاج عملاقتين ومصنع اللب، واستمر تطوير الشركة ففي سنة 1967 تم إنشاء مصنع الكرتون متعدد الطبقات وفي سنة 1968 تم إضافة الماكينة الثالثة لإنتاج الورق، وفي سنة 1970 تم إنشاء وحدة تبييض اللب اليابانية.

وبعد سبع سنوات كاملة أي في عام 1977 تم تطوير ماكينتي الورق.. وفي سنة 1980 تم إنشاء مصنع اللب الثاني واستمرت الشركة في الإنتاج حتى بدأ العد العكسي لها عام 84، عندما توقف أي تحديث في الشركة وبعدها عرضت الشركة في الخصخصة للبيع مما أدى إلى تصدي العمال واللجنة النقابية لها وأوقفوها بعد أن تبين الهدف من بيعها، وهو الحصول على أراضيها التي يصل بعضها إلى 85 فدانًا!

لكن كان الثمن غاليًا فعدد العمال بدلًا من زيادته لتوسع الإنتاج بلغ عددهم الآن إلى ما يقرب من 1000 عامل فقط، بدلًا من 4 آلاف عامل، وأدى ذلك إلى توقف معظم خطوط الإنتاج بنسبة 75% والعمل فقط بطاقة 25% وبعد أن كان الإنتاج يصل لـ220 طنًا يوميًا أصبحت الشركة تنتج 60 طنًا فقط، وأصبح الاعتماد الآن على الورق البني "الدشت" الذي نحصل عليه من النباشين الذين يجلبونه من القمامة ومخلفات الكرتون وليس قش الأرز أو غيره حتى إن "عبد الخالق شمس" عضو مجلس الإدارة، يصرح للزميل عبد الحليم سالم بـ" اليوم السابع" في الخامس من فبراير الماضي ويصرخ ويقول: إن الحكومة تجاهلت تطوير شركة راكتا طوال سنوات مما أدى لتراجع الإنتاج وأن الخسائر الآن بلغت نحو 36 مليون جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي أي إن الخسائر ارتفعت من 2 مليون جنيه إلى 7.8 ملايين جنيه شهريًا!

هذه شركة عملاقة بنيت في الخمسينيات والستينيات التي يهاجمها أنصار الرئيس مبارك وهى من الأعباء الثقيلة التي ورثها الرئيس السيسي وتحتاج مع غيرها من الشركات إلى تدبير أموال طائلة لوضعها مرة أخرى على مسار الإنتاج والعمل والجودة ثم المنافسة، كما تخطط الآن وزارة قطاع الأعمال كما فعلت في مصنعي قها للأغذية ونيازا للمصابيح وإلى ذلك حين يبقى عمال الشركة في معاناة مريرة وتبقى صناعة مهمة في أزمة كبرى لو تطورت كما كان مخطط لها وقت إنشائها لما عانينا اليوم من مشكلات الطباعة والاحتياج للورق ولا لرفع أسعار الكتب ولا احتجنا للاستيراد!

وبعد شركات الحديد والصلب وغزل شبين وطنطا للكتان والزيوت والنصر للتليفزيون وتليمصر وبسكو مصر والنيل لحليج الأقطان واليوم راكتا، وإلى ممتلكات جديدة لشعبنا بناها بالدم والعرق باعوها وأهدروها بأبخث الأثمان وبلا سبب مفهوم ومع ذلك تختفي حمرة الخجل عند الكثيرين!
الجريدة الرسمية