«الجدة حليمة».. معاناة عذراء فوق الستين «راحوا فين حبايب الدار».. قصة مصورة
داخل كوخ تهالكت جدرانه، ويوشك سقفه على السقوط فوق رأسها، تعيش العذراء الستينية الجدة حليمة محمد سعد بقرية سلام إحدى قرى محافظ أسيوط، تعاني "العوز" بكل معانيه حيث لا دار يأوى ولا زوار تأتى، رحل الوالدان وتجعد الوجه، وباعدت المشكلات الأقارب فتاقت نفسها للموت في أحضان أناس يشعرون بخروج الروح قبل أن ينساها المساكين مثلها، فكم مرت السنوات ولم يضمد جرح الوحدة أبدا حتى بدأ العمر في الطريق الأرذل وقاربت ذاكرتها الصغيرة على نسيان ملامح تعودت عليها قديما، فالإخوة أضحوا غرباء والجيران فقراء يجودون عليها بما يعطف عليهم به الآخرون.
حليمة التي تخطت سنوات عمرها الستين عاما "ساقطة قيد"، فاتها قطار الزواج، تعيش في هذه الخرابة على حد قولها بمفردها منذ 30 عاما، سقطت من قيد الحكومة ولم تكتب في دفاترها، فسقطت الحكومة والبلد أكملها من ذاكرتها، أنهكها المرض ولم يعد جسدها النحيل قادرا على تحمل الآلام.
بجلبابها الأزرق المرقع الذي يناسب لونه حياة العذارى البائسات ووسط أكوام من ورق الكرتون تسرد "حليمة" مأساتها "اتولدت من 65 سنة في البيت ده مع أبويا وأمى وكانوا غلابة وكنا 6 إخوات بنات كل إخواتى اتجوزوا وأنا أصغر واحدة أبويا وأمى ماتوا وسابونى من غير مال ولا زوج، وعشت بنت بنوت زى ما ربنا جابنى، ومرت الأيام والسنين وإخواتى واحدة شرق وواحدة غرب، سنة في سنة نسيونى وبقيت وحدى في البيت المهجور ده".
بمزيد من المرارة والأسى تحكي الجدة حليمة مرارة الأيام التي عاشتها والمرض الذي ينغص عليها حياتها: "مرضت من النوم على الكراتين وبرد الشتا من غير غطا وعايشة على كرم الجيران الغلابة عرق جرجير وفلفل ولا بطاطساية مسلوقة على الكانون، ولا فيه كهربا ولا مياه، بنور البيت باللمبة الجاز بالليل وبالنهار البيت سقفه وقع في السيل سنة 1994 ومن يومها بينور بالنهار، ياريت حد يساعدنى في علاج الظهر من نومة الأرض أو أموت بدل ما أنا عايشة من غير لازمة ومن غير حبايب".