بدونه تخسر دولة العدالة كثيرا !!
لا أظن أننا بحاجة إلى القول إنه لن تقوم لدولة القانون راية إلا بتوفر مقومات أساسية عديدة، في مقدمتها استقلال القضاء وسيادة القانون ضد أي محاولات للتعسف أو التغول على مقومات هذا الاستقلال.. وقد آن الأوان لإعادة التوازن لعلاقة السلطة التنفيذية بالقضاء بما يحفظ للأخير استقلاله وهيبته، ويحصنه ضد أي محاولة للتدخل أو التأثير في أحكامه، ويوفر بيئة مواتية لإحقاق العدالة وتمكينها من النظر الناجز في ملايين القضايا المتراكمة، متحررة من القيود والضغوط كافة..
وأحسب أن هذا ما سوف يكفله قانون السلطة القضائية الذي أعده منذ سنوات نادي القضاة وأرجو أن يتم عرضه على البرلمان لمناقشته وإقراره، وهو المشروع الذي شارك في إعداده صفوة من رجالات القانون وخبراء الدستور في مصر، ولا أدري سببًا لتلكؤ الحكومات المتعاقبة سواء ما قبل ثورة يناير أو بعدها في الدفع به إلى النور.. كما لا أدري سببًا لتقاعس أول برلمان منتخب بعد يناير عن مناقشته وإقراره.. والأدهى أن مجلس الشورى "الإخواني" تبارى فجأة لإقرار قانون آخر للسلطة القضائية في عجلة تدعو لريبة، مما أثار اعتراضات القضاة وثورتهم ضده..
والأمل كل الأمل أن يسارع البرلمان لمناقشة وإقرار مشروع نادي القضاة الذي جرى إعداده أيام المستشار أحمد الزند.. فكل يوم يمر دون إنجاز هذا القانون تخسر دولة العدالة كثيرًا.. الاستقلال الكامل للقضاء يضمن له المصداقية التامة، وينأى به عن التدخل في شئونه أو التعليق على أحكامه.. والمشروع المقترح من نادي القضاة يعطي للمجلس الأعلى للقضاء كل ما يخص شئون القضاة وتنظيم عملهم، وفي مقدمة ذلك نقل تبعية جهاز التفتيش القضائي والكسب غير المشروع إليه، ووضع ضوابط صارمة لإعارة القضاة والتعيينات الجديدة في النيابة وفق معايير موضوعية شفافة، وأظن أن الدستور قد عالج كل سقطات وتشوهات القانون الحالي، وجعل القضاء سلطة مستقلة تمامًا.