رئيس التحرير
عصام كامل

أيها الواهم المُغيّب


هذا ما أعطى عبد الله، عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، أهل إيليا من الأمان..
أعطاهم أمانًا لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم، وصلبانهم، وسقيمها، وبريئها، وسائر ملتها.

أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود.

وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه، وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثلما على أهل إيليا من الجزية، ومن أحب من أهل إيليا، أن يسير بنفسه، وماله مع الروم يخلي بيعهم، وُصلبهم حتى يبلغوا أمنهم، ومن كان بها من، أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد، وعليه ما على، أهل إيليا من الجزية، ومن شاء صار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله.

فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله، وذمة رسوله، وذمة الخلفاء، وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.

هذا هو عهد الأمان، الذي أعطاه الخليفة العادل، عمر بن الخطاب لأهل بيت المقدس (إيليا).

أردت أن أذكُر هذا العهد، لا لأقنع أحد بسماحة الإسلام، أو أنه، بريء من تلك، الأعمال الإجرامية، التي تقترفها تلك الأيادي، الآثمة اقتناعًا منها بأفكار تلقتها عقولهم ممن لهم مآرب أخرى، يسعون لتحقيقها تسترًا خلف الدين، والدين منهم ومن أعمالهم، براء..
كل ذلك معروف للجميع دون شك، ومن يرى غير ذلك، فهو وشأنه.

إن هذا الخطاب موجه لأولئك المغيبين، عن الحق وعن صحيح، الدين، والذين تسفِك أياديهم الدم الحرام، ظنًا منهم أنهم يحسنون صنعًا تقربًا إلى الله.

عليك أيها الواهم المُغيّب، أن تقف مع نفسك، وتحاورها..

أأنت ومن يلقنك تلك الأفكار، أعلم بالدين، وبأوامر الله ورسوله، من الإمام العادل عمر بن الخطاب، وهو من هو؟! وإياك أن تعتقد أن ذلك العهد، كان منحة من الإمام عمر، بل كان، تطبيقًا، وتنفيذًا لأوامر الله ورسوله.. أما علمت أن رسول الله صل الله عليه وسلم، خصمك يوم القيامة، بارتكابك تلك الأفعال الإجرامية؟

أما سمعت قوله صلى الله عليه وسلم:
"من ظلم معاهدا أو انتقصه حقًا، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة، وأشار صلى الله عليه وسلم، بأصبعه إلى صدره، وقال ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله، وذمة رسوله حرّم الله عليه ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة سبعين خريفا".

أما سمعت وصيت نبي الرحمة، صلوات ربي وسلامه عليه "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالأقباط خيرًا فإن لهم ذمة ورحما".

لقد ذكرت لك ما أمر به الله ورسوله، عسى أن تثوب إلى رشدك، وتهتدي إلى صراط الله المستقيم.

وعلى الدولة أن تعترف بأن هناك تقصيرا في التعامل مع ظاهرة الإرهاب، وعليها أن تتخلى عن الاعتقاد بأن الإرهاب لا يُحارب إلا أمنيًا فقط، فلابد أن يشترك الفكر المستنير، في تلك الحرب.. فالفكر لا يُناجز إلا بالفكر.. خالص التعازي لشعب مصر العظيم.. في ذلك المُصاب الأليم.. وليرحم الله شهداء الوطن.. ولينزل عظيم سكينته.. على أبنائه... (الله.. الله في مصر).
الجريدة الرسمية