عندما كنت طالبا في جامعة القاهرة!!
استمعت بالأمس الأحد، إلى مقطع فيديو للدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، وهو يتحدث عن تطوير العملية التعليمية داخل كليات الجامعة، بداية من التركيز على تغيير نظام الامتحانات ليصبح بنظام "البابل شيت"، وهو النظام الذي يركز بشكل كبير على عملية الفهم وليس الحفظ ويتم تصحيح أوراق الإجابات من خلاله عن طريق الكمبيوتر.
بعد سماع الفيديو وشرح رئيس الجامعة تذكرت أيامي عندما كنت طالبا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وقارنتها اليوم بأيام ابني مصطفى الذي يدرس في الصف الثاني الابتدائي، وبما يرغب رئيس جامعة القاهرة في تطبيقه في عملية التطوير.. فعندما كنت طالبا في الجامعة في أوائل التسعينيات كنت أحاول قدر الإمكان تغليب عملية الفهم على الحفظ في كل المواد، لقناعتي وقتها أن فهم المادة حتى لو كان أساسها الحفظ هو الطريق الصحيح للإجابة السليمة في الامتحانات.. فكان التحدي والصعوبة يتمثل في كيفية فهم مادة هي أساسًا للحفظ مثل العلوم السياسية والاقتصاد الكلي والجزئي والقانون الدستوري في الجامعة..... إلخ.
واليوم وبعد أن تعمقت في المنهج الأمريكي مع ابني مصطفى تأكدت تمامًا أن ما كنت أسبح فيه ضد التيار أيام الثانوية العامة والجامعة هو بمثابة الطريق السليم للتعليم الصحيح.. فرغم صعوبة وقساوة ورخامة المواد التي يدرسها ابني الذي هو في الصف الثاني الابتدائي إلا أن من يقوموا بتدريسه أكدوا لي أكثر من مرة أنهم لا يرغبون سوى في أن يفهم الطالب ماذا يقدم له من مواد حتى لو كانت بهذه الصعوبة.. لذلك يعتمدون بشكل كبير في الامتحانات على ما يسمى "البابل شيت" الذي يضع الطالب في خانة واحدة فقط وهي "لن تجيب إجابة سليمة إلا إذا كنت فاهم أو جات معاك بالحظ".
وبالبحث عن حكاية النظام الجديد في الامتحانات الذي يرغب جابر نصار اعتماده اكتشفت وجود ثغرة خطيرة في هذا النظام.. فالأساس هو أن يكون الطالب فاهما ثم يحصل على درجاته بشكل دقيق من خلال التصحيح الإلكتروني.. وهنا تكمن المفاجأة.. فالإجابات ستكون بالقلم الرصاص قبل أن تدخل الكمبيوتر للتصحيح.. ولماذا يجب أن تكون بالقلم الرصاص؟!! فالإجابة التي هي بالقلم الرصاص يمكن مسحها بسهولة والقيام بعلامة جديدة بقلم رصاص آخر على إجابة أخرى قبل أن تدخل للتصحيح على جهاز الكمبيوتر.. لذلك أتمنى أن تكون معلومة أن الإجابة بالقلم الرصاص غير صحيحة لأنه طبيعي جدًا ألا يكون هناك أمان في موضوع "القلم الرصاص".
عموما أنا واثق تمام الثقة أنه حتى لو تم التغلب على ثغرة القلم الرصاص فستكون هناك ثغرات أخرى.. فنحن بارعون في إيجاد ثغرات لأي نظام حتى لو كان مرتبطا بالكمبيوتر.. فالشعب الذي قام بإلغاء شفرة التليفونات الممغنطة التي كانت قديمًا منتشرة في الشوارع لا يغلب في إلغاء شفرة أي نظام حتى لو إلكتروني.. ولكن المهم في النهاية أن تظهر نتائج هذا النظام الجديد على الأجيال الجديدة لتعويض الأجيال القديمة التي تخرجت في الجامعات وهي حتى الآن لا تعلم ماذا تعلمت!!