ثورة الطعمية تلتهم استثمارات "سموه" وجماعته
لو أن رئيس وزراء الحكومة المقندلة يحمل على عاتقه صون كرامة المصريين، ما قبل صفقة مليارات قطر خلال زيارة للدوحة واكبت تطاول أحد صحفييها على شعبنا وحضارتنا، ولو كان يمتلك من الهيبة ما يؤهله لتمثيلنا خارجيا، ما طمع مسئول قطرى بإطلاق اسم أميرهم على شارع أو مدينة عندنا، كما فعلنا مع الراحل الشيخ زايد بن سلطان حاكم دولة الإمارات "الشقيقة".
الصحفى النكرة الذى استدعى الحديث عن "معونة أمريكا المشروطة وحذائها"، ساخرًا من "شعب لا يجيد إلا صنع الطعمية، أكرمه العرب سكنى الخيام بالإسلام"، جاءه الرد الأنسب من الكاتب حمد المزروعى بالإمارات حين لخص كلماته بـ"سلوك المرتزقة حين يدارون غضب أولياء نعمتهم"، الذين اشتروا جماعة متخاذلة ظنا منهم أنهم اشتروا مصر.
ولأننا أمام حكومة "لا شيء" فلم ينتبه قنديلها ورئيسه ومرشديهما إلى مقارنة اقتصادية "على الأقل" واضحة بين علاقة حكومتى أبوظبى والدوحة بمصر، بينما يكرر الحديث عن 18 مليار دولار كمبلغ متوقع استثماره من قطر فى مشروعات ضخمة خلال أعوام، تكبلنا قبلها بديون ودائعها وقروضها.
فى مصر نحو 26.4 مليار جنيه تمثل حجم استثمارات 560 شركة إماراتية، مقابل مشروعات ومدن كاملة تبنيها حكومة أبو ظبى بدءًا من مدينة الشيخ زايد 1995، وصولًا إلى مدينة الشيخ خليفة التى يقدم بها سموه 16 ألف وحدة سكنية للشباب المصرى كمرحلة أولى، عبر اتفاق مع وزارة الإسكان قبل حضور الإخوان للحكم.
بينما تحتل الاستثمارات القطرية بمصر المرتبة الـ 20 من إجمالى 127 دولة، بمبلغ 1.7 مليار جنيه فى 112 شركة منذ 1970 وحتى نهاية أغسطس 2008 طبقا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار.
ولأن أحلام قطر باتت مرتبطة بتقوية تنظيم دولى حل وجوده وأوقف نشاطه داخل حدودها قبل سنوات، تبدو أمنيات حكومة الأمير فى استثمار أفضل لأمواله بأحضان حكومة جماعة تسير فى طاعة ثرواته، تحمل الأسفار وتعشق الاستدانة، ليستكمل حلمه فى نشر اسمه "بفلوسه طبعًا" والترويج له كأسطورة صانعة لثورات الشعوب، عقب "حدوتة" دعمه الثورة الليبية وجرائم الحرب فيها بمليارى دولار، وموافقة حكومة الوفاق فى أغسطس الماضى على إطلاقه على أكبر مدينة طبية بصنعاء تمولها الدوحة استثماريا، بدلًا من اسم "على عبدالله صالح"، والقائمة فى الطريق.
كلمات الصحفى الغبية وتصريحات رئيس حكومته حول أوضاع المصريين أتت فى الوقت الذى تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية وتداعياتها على كل الفئات فى مصر، عدا الانتهازيين الذين أفرزتهم المرحلة الانتقالية المستمرة بحكم الجماعة وصعود الشاطر ومالك وحراسها أبوالفتوح وأبوإسماعيل والبلتاجى، ومعها تنطلق اليوم أولى التجارب الميدانية الجادة لثورة الجياع فى مصر، ضد التضخم والبطالة وانهيار قيمة الأصول المصرية بفعل أزمات الطرف الثالث الإخوانجى.
ولأن رأس المال جبان بطبعه، فرهان أصحابه فى بلدان الثورات والحروب على حضور حكومات قمعية تفرط فى ثروات وممتلكات شعوبها، كانت لعبة "النهضة إرادة شعب" افتكاسة قطرية- إخوانية تماثل افتكاسات إعلام "جزيرتها"، الداعم للمشروع الإخوانجى الفنكوشى بطريقة نساء المتعة الحرام وهى"رمى الجتت"، لتكتفى حكومة فاشلة بتفسير أوهامها بطريقة "والشعب لا يملك إرادة لنهضته".
قطر تلعب عبر إعلامها وجماعتها لعبة "القدر العربى" مع شعوب ذاقت حلاوة ومرارة تجاربها الذاتية، وتسعى لمحو سيرتها باستقطاب الفاشيست الجدد لحساب قطب الرأسمالية-الإمبريالية، لكنها لا تعرف أن الجياع قد يعيدون حكامها وصبيتهم إلى حياة الخيام ورعى الماعز مجددًا بثورة "الطعمية والخبز"، إذا ما قرروا قراءة التاريخ القريب والخروج لاستعادة أرضهم وثرواتهم، ولو بطريقتهم الخاصة التى سيدفع أمثال "سموه" واتحاد ملاك بلده وجماعته ثمنها.